ضَحَايَا الجَهلْ.. بقلم/ سعيد الميداني
22/05/2017
 سعيد الميداني 

تفضّل عليّ أحد الجهلاء بشهادة الكمال حين أخطأ في حقّي وشكرته بالصمت ، رغم يقيني أن صفة الكمال المطلق هي لله وحده ورغم قناعتي الأكيدة أيضاً أن الشهادة التي تأتيك من الجاهل هي شهادة رديئة الجودة لا تنفع مثلها مثل الزبد سرعان ما يذهب جفاءاً !
يقول الشاعر : ( وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بإني كامل ) هنا الشاعر وصف ذمّ الجاهل لغيره - مجازاً - هي بمثابة شهادة كمال وقد كان محقاً فيما قال إذ أن رأي الجاهل ليس له قيمة حتى يؤخذ به فهو فاقد للأهلية وكل ما يقوله يعتبر عبثاً وهُراء٠

الحكاية ببساطة أنه في إحدى الأيام حدث لي موقف اجتماعي مع أحد الشبّان الصغار ( حدث ) وهو من عمر أبنائي كان قد قد أساء الأدب معي لا أطيل عليكم وبعيداً عن التفاصيل المملة ونتيجة للفارق الفكري والعمري بيننا احترمت نفسي ولم أنجر لجهله واعلنت الانسحاب بهدوء تام فمثله لا يستحق عناء النقاش ولكن تصرفي هذا لم يرق له وبدون تفاهم قفز بوجهي وأخذ يصرخ بشكل هستيري وعيناه تطفح بالشر تكاد تشعر أن ناراً تنبعث من جمجمته وأنا في كل مرة التزم الصمت كطفل للتو يلتحق بمقاعد الدراسة وهو كلما رآني على هذا النحو المستفز أخذت اعصابه في الغليان وبدأ يكيلني بسيل من الكلمات النابية ، فعل ذلك ظنّاً أن بصراخه سوف يخيفني وأنه الأحق بتسيّد حلبة المواجهة - تفكيره الضيّق يقول له ذلك - فدائماً الكلاب هكذا اذا لم تجد من يبادلها النباح تنبح مع نفسها لذلك رأيت أن الصمت أسلم وأهدأ لرأسي وهذا ما حدث مع هذا الولد الشقي فكلما ازددت صمتاً عنه ازداد عناداً وظلّ على حاله هكذا حتى نفذت كل محاولاته وعندما شعر بالاخفاق في نهاية السيناريو رمى بآخر قمامته واصفاً إياي بإنني لست رجلاً فلو كنت رجلاً لرددت عليه وهذا أيضاً مما أضحكني أكثر وزادني تمسكاً بالصمت عنه ، وبتصرفه الأخير أكّد لي أنه فعلاً انسان مفلس وقوته فقط في لسانه وهذه أحد أبرز علامات الجاهل ٠

خلاصة القول أن البعض من أصناف البشر وبالأخص العقول الصغيرة حين يقع في المحذور الشرعي تأخذه العزة بالأثم فيلجأ للقوة والاجتراء كحيلة ضعيفة لتبرير عجزه اعتقاداً منه أن الصراخ يكسبه القوة والغلبة وهذا هو دائماً الاعتقاد الخاطيء الذي يقع فيه كثير من ضحايا الجهل فالنظريات التربوية نصّت على أن القوة فقط هي باستخدام الحكمة والحلم والوعي فهي رسل العقل وأن أعقد المشاكل وأعظمها تصبح صغيرة هيّنة إذا ما كان العقل حاكمها ولولا وجود العقل والحكمة والأخلاق في حياتنا لأصبحت الحياة غابة من الحيوانات البشرية المفترسة يسودها الفوضى والغوغائية فلا تجعل جهلك يقودك الى الجريمة وصراخك قانونك لمحاكمة ومقاضاة كل من يختلف معك ٠

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى