الغابة الرائقة والقرد الميمون.. بقلم خيريه الجراش
8/07/2017
 خيريه الجراش

رائقةٌ تلك الغابة بما يكفي، عذراء هي لم تعبثْ بجمالها أيادي البشر.. أوراقُ أشجارها مع الهواء الصافي قد شكلا كونشرتو من الألحان لم يُفسدْهُ صوتُ أنفاس الضجر .

كان مُنصتاً لذلك اللّحن وفوق مسرح الغابة يُمارسُ القفزَ كما يحلو لهُ متى أراد وطالما أراد . فعزف اللّحن في الغابةِ مستمر.

وذات يوم كان ذلك المُهرج يرقبُ القردَ وهو يقفزُ فانتقلت له عدوى الفرح من ذلك الوجه الذي لا يشي بالعبوس مُطلقاً بل كأنه لا يعرف إلا القفز والفرح.
فلنختصر الوصف ...

ذلك القرد يُمكنهُ أن يقتسم مع المهرج المَهْمَة في إنتزاع البؤسَ ومحو العبوسَ من فوقِ أوجه البشر.

همم.. سيكون اسمه مامون هكذا هتف المهرج .
تأمل المهرج ميمون خاطبه قائلاً: لن تكون مهَمة التعليم لك صعبة يارفيق درب الفرح فتركيب مخك يُشبهُ إلى حد كبير البشر.

شرَع المُهرج من حينها تعليم ميمون مهارة الرسم لكن ليس رسم على الورق بل رسم الضحكة على الوجوه العابسة من البشر كان يكفي تقليدهم والقفز. وحينها سيضحكون....

وفي الساحة الواسعة كان المهرج واقفاً يُنادي: هلموا هلموا أيها البشر تناسوا الحزن ولو دقيقة بدرهمٍِ ونظرة .

سحب الطفل أمه المُثقلة من هم ّهجر والده لهم نحو ذلك القرد والمهرج .

تبعت بخطواتها المُثقلة خطوات ابنها الصغير وحيث ميمون والمهرج يُمارسون مراسيم الفرح ...
توقفت.

- تقدم ذلك الرجل المُنهك من شظف العيش ومُتابعاً لميمون والمهرج...
توقف...

-ثكلى هي بقلبِ ابن لها مازال على قيد الحياة والهة لرؤيته وابنها يحترف العقوق وهي أمهُ الحزينة ...لكنها أمام ميمون
توقفت..

_قد قطع حبل الوصل مع أخيه منذ زمن يعبسُ في وجهِ أخيه لكنه لا يستطيع كتم ضحكته عندما يقلده ميمون وأخوه في حسرةٍ بطرفِ عينه يرقب أخيه...
توقف...

وو..توقفت .. ووتوقف.
جميعهم كانوا يُتابعون جميعهم وجوههم ضاحكة لكن عيونهم تُعانقُ الحزن كأنه أصرَّ بأن يُطِل من تلك العيون ليُخبرَ القرد والمهرج بأنه أكثر قوة منهما.

مرَّ من بينهم واحد سعيد يُريدُ أن يمنحهم فرح أشاروا له بالبنان يضحكون قالوا له :تشبه ميمون ذلك القرد السعيد في سذاجتك .

سمع قولهم ميمون طأطأ رأسه حزين للمرة الاولى هنا يعرفُ أن الضحك يوجعه وللمرة الأولى يحمل أحزان البشر.

ياااه... مُرهقةٌ هذه الساحة ومؤلم مايجري بها وما يُرسمُ من عبوس فوق أوجه البشر.

على حين خِلسة فرَّ ميمون في دهشةٍ من الجمهور تاركاً خلفه الجمهور والمهرج .

وفي رحمِ الزقاق الضيق كان يقفز حتى وصل لنهايته ليقطع حبله السرِّي من رحم تلك الساحة المُتضخمة بمواجع البشر.

استجمع أنفاسه و بقامته النصف واقفة كان يتأمل يبحث يُديرُ راسه ...
هنا وهناك يمنةً ويُسرى .
أظنها هي.. هكذا هتف ميمون في قلبٍ له كان يرتجف رعباً..

كان حينها قد لمح الحديقة حسبها بلونها الأخضر غابته الرائقة تقافز حاملاً ثقل أحزان البشر فوق ظهره وما أن وصل ميمون لتلك الحديقة لمح قرد كان صامتاً يجلسُ فوق مرتفع وكان ذلك القرد قد وضع يده فوق فمه قد فرَّ أيضاً من مهمة الإضحاك المؤقت للبشر.

ذلك القرد الصموت لم يُرِد أن يروي ماشاهد من مشاهد مؤلمة ولم يُرد ميمون ان يُفسد صمت ذلك الرفيق.

استقر ميمون إلى جانبه بهدوء وهو لايُطيق البوح واكتفى بأن يضع يدهُ على عينيه الغائمة بالدموع لعلهُ ينسى تلك الأحزان المُرعبة التي تُطِل من أعين البشر .

كان ميمون ورفيقه حينها يستجديان صوت لحن كان يُعزف ذات يوم في غابتهما الرائقة ويكتفون بإغلاق عين وفم مُنصتون لموسيقى تُستجدى من غابة خضراء رائقة .



التعليقات 3
إضافة تعليق
مواضيع اخرى