حولنا جميعا! .. بقلم: بتول آل شبر
20/07/2017
بقلم: بتول آل شبر

حينما كنت في الصف الأول الابتدائي، مكثت مع مجموعة من زميلاتي في الصف نتساءل: هل من الممكن لطبيب الأسنان أن تؤلمه أسنانه؟ هل طبيب العيون سيحتاج إلى النظارة مستقبلا؟ هل معلمة الرياضيات ستستخدم الآلة الحاسبة مثلا؟ هل معلمة القرآن تنسى آية الكرسي مرة؟ هل مهندس الكهرباء تطفئ لديه الكهرباء مثلنا جميعا؟ هل مهندس الميكانيكي تتعطل سيارته في الطريق فعلا؟ 

كل تلك التساؤلات وربما أكثر، روادتني معهم باستمرار ... لأننا وببساطة كنا أطفال ! حقا أطفال نرى كل الأشياء بنظارة وردية لا يشوبها ذرة غبار و لا يكسرها وقعة على الأرض، لم نكن نعي أن كل علامات الاستفهام هذه إجابتها نعم طبعا .

كبرت كما يجب للجميع أن يكبر وفهمت كما فهمت جميع زميلاتي اللاتي شاركنني هذه التساؤلات العفوية، أن هذا كله محض خيال! فمن منا لا يمرض أو يتعطل أو يخطئ أو يتلف لديه شيء؟؟ ولكن أعيد التساؤل مرة أخرى، بعد مضي ستة عشر عاما على أحاديث فتيات الابتدائية، أعيد التساؤل مجددا كونه هذه المرة أكثر واقعية/ هل سيصدق مجتمعنا يوما ما أن زائري العيادات و الأطباء النفسيين هم حولنا في كل مكان؟؟ 

هل سيؤمن مجتمعنا يوما ما أن يد العون قد يحتاجها أي أحد كبيرا كان أو صغيرا، ذكورا وإناثا، فقراء وأغنياء؟؟ هل سيؤمن مجتمعنا يوما ما أن المشكلات التي تحل في هذه العيادات بعضها أمراض نفسية أما البعض الآخر تعب مجهد والبعض كذلك عقبة صعبة؟؟ هل سيدرك مجتمعنا يوما ما أن كل إنسان له الحق في أن يضعف قليلا، وحين يضعف له الحق الأكبر في أن يجد من يسانده ويقويه؟؟ 

أمنيتي إيجاد إجابة التساؤلات كما كانت في طفولتي نعم .... فلقد رأيتهم، سمعت كلماتهم، أمسكت أيديهم، وأكثر من ذلك بكثير، سواء في مستشفى الأمل أو المستشفى التعليمي، و الآن بمركز السلامة النفسية، هم نحن كلنا كمجتمع واحد متنوع.

كان يزور العيادات النفسية الطبيب المجتهد، ورجل الأعمال الثري، الطالب المتفوق، والصغيرات الحسناوات، مدراء أعلى المناصب، ومشرفات تربويات، و من جميع المراكز المرموقة، معلمات قديرات، و أجداد كبار، الموظفين البسيطين، و المحتاجين البسطاء، المشردين المهجرين، و الشباب في بدايات الطريق، ومن جميع الأطياف الثقافات البيئات و الخلفيات المختلفة، فهذا إن كان إثبات أمر، لهو برهان يدل على أن من يحتاج المساعدة هو كل أحد ... و من يتعب نفسيا كمن يتألم جسديا، كلاهما لم يختار أن يمرض، لكن يختار سبيل العلاج، فهل اخترت أنت بنفسك يوما ما أن تصاب بالتهاب اللوز؟ أو ارتفاع الحرارة؟ وهل سنحت لك الفرصة أن تقرر ما إذا كان سيصيبك الزكام أو المغص؟ ... 
لا طبعا و هم مثلك.

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى