بلا عنوان.. بقلم غالية المحروس
23/07/2017

غالية محروس المحروس


في ليلة سهر حيث تسطو النجوم على سويعات الشمس بشدة, رغم ليلي هذا بسماء مغبرة, و سيتبعه يوم بديع سأعيشه ما دمت قد افتتحت صباحي بترتيل رائع من آيات الله, وجهاز المسجل يملأ المكان بصوت القارئ المرحوم عبد الباسط عبد الصمد, وصدقا أشعر لقد انفصلت عن كل ما حولي وحررت جسدي من كل جهد وتعب, و لك أن تقول إنه لدي كبرياء وحياء ,ما أجمل الليلة وهي تفل ذاكرة الشجر وتعلنها عبر الأثير, وهنا أمنحك يا عزيزي القارئ براءة من قلبي لك ولكل ما كان وما لم يكن.

كل شيء هادئ حولي لا اسمع إلا صوت أصابعي على جهازي وصوت عبد الباسط, وكنت أنوي أن أكتب مقالا قد يكون رومانسيا و بعيدا عن الجو العام لكني توقفت, كنت أعتزم أن أكتب عن زوجي وأتركها مفاجئة له, إلا إن حبه قد حملني على أن لا أبوح بما أخفي,لكني توقفت وسأكتب انطباعاتي وبعض خواطري التي خرجت بها, وإذا وجدت أيها القارئ كتابتي قاصرة فلا تغضب, قبل فترة كنت في زيارة خاطفة إلى لندن فهي السحر بالنسبة لي, وهناك كتبت بعض الخواطر فهناك للإلهام طعم آخر, ارتشفت قهوتي المُرة دون سكر كعادتي حيث أذوب قهوتي بشيء من الحب والاحترام لمن أحب, وبك أيها القارئ يكتمل ليلي ويبدأ فجري, حيث القلم مفتوح والسطور رطبة وبياض الورقة تعانق أصابعي, وأنا أرى اللون البنفسجي يليق بي أكثر وأليق به.

استيقظت من النوم ولي رغبة في تناول خبز ساخن, وثمة مخبز عربي يقع ُبعد 300 متر عن بيتي يبيع خبز عربي, لي بهذا ا لخبز شغف كبير جعلني لا أستعذب غيره منذ افتتاح المخبز قبل نحو 20 سنة , وأنا أتناول خبز القمح العربي وأنا أردد لإحدى معارفي بالهاتف, ما كتبته هنا قبل نشره طبعا وفي المساء أعدت قراءة ما كتبته, قرأته كقارئة في المرة الأولى وكناقدة ذاتية في المرة الثانية, وطبعا أجري بعض التعديلات والحذف وأقرأ المقال لزوجي, ومن ثم أعيد كتابة الفقرات من جديد فأضيف أفكارا أخرى, أكتب أحيانا بلا عنوان ويبقى المقال قابلا للتكملة, طالما شعرت إنني متوترة ولم أهدأ حتى أكمل المقال, واعتبره وجع أعذب من العافية.

قرأت يوما للشاعر الفرنسي هوشيه: لن أعشق فالعشق ضعف وبلادة وخمول , لن انتحر في الربيع ولن أحزن في الخريف, لتفتح الأزاهير أو لتسقط إذا شاءت" ولأختصر عنك المغزى أيها القارئ قائلة: لنا أن نعيش السعادة والحب والجمال والحرية خيالا, ولنعبر مسافات القهر والضيق رغم إنها لحظة مخاض ما أصعبها, ربما أكون خاطئة على غرار ما يقوله الشعراء إننا نكتب على هوانا والحرية فيما نقول, وحتما لا شيء مستحيل وليس هناك شيء مطلقا وكل شيء ممكن والأروع عندما تحدث الأشياء حين لا نتوقعها.

سمعت إنه في أستراليا يسألونك كثيرا هل أنت سعيد, ومن الضروري أن تقول نعم لأنهم سيحزنون إن قلت لا, وقرأت لجبران خليل جبران ذات مرة: يقولون لي إذا رأيت عبدا نائما فلا توقظه لعله يحلم بحريته, وأقول لهم إذا رأيت عبدا نائما أيقظته وحدثته عن الحرية, وما قصدته هنا فقط أن أحتسي الطهر المصفى, وهكذا دون أي مقدمات أسترسل في شرود, حيث ينتابني كثيرا في ساعات الليل المتأخرة وأوشك أن أقضم بعض أظافري من فمي , ليس ثمة عيب أن أكتب عن الغير عندما ألتمس الجمال والكمال, ولكن المعيب أن أتغاضى عن هذه المزايا انطلاقا من الأنانية التي تلزمني عن إبراز جمال الغير.

تعودت أن أنتحب بصمت حيث لا يسمع أحد دموعي, وهذا امتياز تمنحه لي السماء والسكينة, ليس هناك أسعد من إنسان ينام وهو قريب من السماء ومليء بالسكينة, و ذات مرة أرسلت برقيه إلى السماء أثناء حلم إحدى ليال نومي, أن يملئني ربي بسكينة الإيمان وأن أكون جارة السماء وهكذا صار, لنجعل السماء والأرض بداخلنا حتى نلمس السكينة ونسكنها إن لم تسكننا, تخيلوا لا أتمنى أن أموت بالسكتة الأدبية ولا حتى الأخلاقية, ولي أن أعيش الكتابة والحب والجمال دائما, فالموت الحقيقي هو أن نحيا ومن حولنا أموات, وكم يؤسفني تبلدنا أحيانا وابتعادنا عن البهاء, وهنا أهمس لكم بأن هناك عالما من البهاء حولنا لو شئنا, وهنا كم نحتاج لحالة تأمل تعيدنا إلى طبيعتنا, فنحن مغتربون داخلنا ونبحث عن أنفسنا لأننا تائهون حيث الضياع لا يشبهنا.

للعصافير حكايات وقصص بحثا عن الحرية, ُسأل العصفور يوما في قفص ماذا تتمنى؟ قال: أن أغني وأقاضي هذا القفص, لقد تعلمت ما كتبه جبران خليل جبران في الأجنحة المتكسرة" وهكذا تستسلم الأمم لذوي النفوس المعوجة والأخلاق الفاسدة, فتتراجع إلى الوراء ثم تهبط إلى الحضيض فيمضي الدهر, ويسحقها بأقدامه و هكذا نحن أيها القراء منهمكون في التهشيم وعاجزون على التحليق, تستهويني قراءة أفكار الغير وكما يستهويني حب زوجي واحترامه لي , دخلت ذات مرة إلى إحدى الصالات فعلقت إحدى العزيزات قائلة: ألمحك دوما أنيقة قلت لها بهدوء: يقول لي زوجي دائما بأنني أنيقة, ولعلني أفسر إطرائه بأنني أنيقة القلب والعقل لا المظهر,كلماته تشعرني بالخجل لأنه يحملني ما لا أطيق, حبه يقيدني, وذات مرة أيضا قالت لي إحدى الصديقات :أتدرين إن الحياة كلها ضحك حين نبتسم, يا إلهي اتسعت ابتسامتي أكثر وأصبحت بحجم الدنيا.

وأخيرا لقد خرجت جميع مشاعري من روحي لتندمج وتسرح مع رسالة صادقة, قد وصلتني منذ فترة على هاتفي النقال من إحدى صديقاتي العزيزة على قلبي, ولتعذرني تلك الصديقة سأتجرأ وأعيد ما كتبته لي تماما بعد إن قرأتها عدة مرات وقد لامست إحساسي " تمر الأيام سريعا وها أنا أتذكرك غاليتي وكأن اليوم بالأمس, عقربان متقاربان اليوم عروستي تحتفلين بعيد ميلادك السابع عشر, ترفلين بثياب السعادة والحبور أتخيلك عروسة وملكة في آن واحد تتوسطين حوريات الجنان معك, يا لهنائك دامت لك السعادة يا ليلى لك مني كل الحب يا أغلى حورية " أعذروني أحبابي من حبي لكم أحببت أن تشاركوني كلمتي, تحيات ابتسام الصفار.

وإذا كنت تبحث يا عزيزي القارئ عن صدق طاهر ونقي حد القداسة, وتقدس كل ما هو صادق أرجوا قراءة مشاعر هذه الأم الثكلى, التي تنتظر سنويا ذكرى رحيل عروستها ليلى لتبثها صدق المشاعر, وما كان مني إلا أن أرد عليها على هاتفها النقال برسالة أخرى لا تقل صدقا عن رسالتها, ولكني سأحتفظ بها لنفسي أغبطك يا ليلى على هكذا أم ذات طهر ونقاء, صباحك يا ابتسام جنة وسعادة وراحة بال", لن أستمر بالكتابة الآن لكني سأغمض عيني واستنشق عطر جمال الصدق, حيث الصدق يبقى ما بقي الليل والنهار بكل أنواعه وألوانه.

سؤال: من يقترح علي بعنوان لمقالي هذا حيث أبقيته بلا عنوان!!


التعليقات 1
إضافة تعليق
مواضيع اخرى