كابوس الاكتئاب يسيطر على مدمني الأجهزة الرقمية
29/07/2017
متابعة بث الواحة 

على الرغم من كل التكنولوجيا التي تربطنا وعلى الرغم من أن أكثرها من المفروض أنه موجود ليجعل حياتنا أسهل وأفضل إلا أن الناس لم يكونوا أكثر اكتئاباً مما هم عليه الآن.

مثلا كشفت خدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة هذا الشهر عن وصف عدد قياسي من مضادات الاكتئاب في إنجلترا العام الماضي. والأرقام في جميع أنحاء العالم ليست مُطمئنة أيضا؛ تُظهر إحصاءات منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 322 مليون شخص عانوا الاكتئاب في جميع أنحاء العالم في عام 2015 أي ما يعادل نحو 4.4 في المائة من سكان العالم. ما يُثير القلق بالمثل هو أن الأعداد تستمر في الارتفاع. في العقد الماضي ارتفعت 18.4 في المائة وتأثر العالمان المتقدم والنامي في آن معا. 

هذه الحالة من البؤس العالمي تتناقض مع الرسالة بأن الاتصال الرقمي الأكبر والوصول الأسرع للسلع والخدمات والإشباع الفوري عبر الأنظمة السلسة هو السبيل للسعادة العالمية.

في هوسهم لإخماد رغباتنا على المدى القصير لمصلحتهم هل أصبح بائعو أنظمة التكنولوجيا المتقدمة بدون قصد جزءا من المشكلة بدلاً من أن يكونوا جزءا من الحل؟ في كتاب يصدر لاحقا بعنوان اختراق العقل الأمريكي يُقدّم روبرت لوستيج طبيب الغدد الصماء لدى الأطفال مع خلفية في علم الأعصاب حجة مُقنعة بأن هذا قد يكون هو الحال فعلاً.

جزء من المشكلة وفقاً للدكتور لوستيج هو أننا أصبحنا في هذا العصر نخلط بين المتعة والسعادة. المتعة كما يُشير تتعلق بظاهرة المكافأة. هذا يُمكن تحقيقه عن طريق كل شيء من الاستمتاع بالتسوق المتهور إلى تعاطي المخدرات الصريح. السعادة من ناحية أخرى هي حالة من الرضا العام الذي يتطلب القليل على شكل إثارة.

الفرق مهم لأن المكافأة المفرطة المزمنة تؤدي في النهاية إلى كل من الإدمان والاكتئاب على النقيض تماماً من السعادة. علاوة على ذلك غالباً ما تنشأ حلقة مفرغة حين يحاول الضحية التعامل مع الاكتئاب الناتج من خلال الانغماس أكثر في النشاط الذي كان سببا فيه ابتداء. عمل الدكتور لوستيج الأشهر في هذا المجال يُركّز على الدور الذي يلعبه الإدمان على السكَّر في وباء السُمنة. لكن استراتيجيات التسويق في الشركات الكبيرة التي أتقنت فن استغلال ميول المتعة بهدف جعلنا مُدمنين على منتجاتها - غالباً من خلال الإعلانات الرقمية وإغرائنا بالنقر - بالكاد تأخذ هذه العواقب الاكتئابية في الحسبان. أثناء ذلك كثير منا أصبح مُدمناً على نجاحات المكافأة على المدى القصير المُصاغة بشكل ذكي التي أطلقتها هذه الشركات علينا - لنُفكّر بالتحقق من الهاتف المُغري والبريد الإلكتروني ووسائل الإعلام الاجتماعية وحتى الإغراء بالنقر والألعاب و التحفيز الرقمي.

السبب في أننا ربما لم نتوقع هذه الأمور هو أن كثيرا من هذه السلوكيات المغرية لا تتعلق كثيراً بتعاطي المخدرات التقليدي حتى إن كانت قد تؤدي في النهاية إليها. بالنسبة للجزء الأكبر من نجاحات الجهاز العصبي الموجّهة هي أقرب إلى تلك المرتبطة بالرياضة المتطرفة أو المقامرة.

مع ذلك التأثير على حالتنا النفسية قد يكون نفسه. مع مرور الوقت تُصبح أدمغتنا متأثرة على أمل أن كل نقرة ستؤدي إلى نجاح أكبر وأفضل من الماضي أو أن استجابة وسائل الأعلام الاجتماعية التالية ستكون أكثر إرضاء لغرورنا من تلك السابقة. مع ذلك المشاعر المرتبطة نادراً ما تؤدي إلى السعادة أو الإشباع. 

على العكس من ذلك الموافقة المستمرة والاهتمام الذي نسعى إليه على وسائل الإعلام الاجتماعية يُمكن أن يتركنا ضعفاء عندما لا تكون الاستجابات كما نأمل. في هذه الحالة هل ينبغي أن يكون من المفاجئ أن مزيدا من الاتصال ومزيدا من وسائل الإعلام الاجتماعية وحتى مزيدا من الوصول الفوري إلى المتعة سيؤدي إلى الاكتئاب على نطاق واسع؟
لست مقتنعاً؟ لتسأل نفسك كيف شعرت آخر مرة كان عليك فيها الانفصال عن هاتفك الذكي. إذا كان الجواب هو القلق والعصبية والذهول قد تكون لديك عادة أكثر مما كنت تعتقد.

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى