مزق شرنقتك ليكتمل نضجك
14/08/2017
🖋 نعيمة آل حسين

( مزق شرنقتك ليكتمل نضجك )

أيها اﻷحبة ..
سلام من الله عليكم
وطيب الله أوقاتكم بطاعته وبعين
رعايته وحفظه من كل سوء
ومكروه بتعجيل فرجه ..

أحبتنا ..
في معظم اﻷحيان تقع على
مسامعنا مثل هذه العبارات
من قبل بعض أفراد المجتمع ..

كيف ؟ ولماذا ؟

( إبن بنت أخ أخت زوج
زوجة عم عمة خال خالة )
اﻷسرة الفلانية ؟؟؟؟ !!!!!

ذات الحيثية والوجاهة والنبل ؟!
واﻷيادي البيضاء ؟!
والمكانة اﻷدبية واﻹجتماعية ؟!
والعلمائية والدينية الفاعلة ذات
الحضور المميز والمؤثر
في مجتمعاتهم بشكل إيجابي
وناهض .. ؟!

وفي المقابل نرى عجزهم
أوفشلهم مع بعض
أفراد أسرهم .. ؟!
للأخذ بأيديهم إلى جادة الطريق
أخلاقيآ ونفسيآ وروحيآ
وفكريآ ووجدانيآ وسلوكيآ ؟!

وتكون هذه التساؤلات :
إما على صيغة تعجب !؟
أو استنكار .. أواستهجان !؟
أو اتهام ؟!
أو لوم وعتاب !؟

والبعض منها قد يكون :

بدافع الحب والحرص
والخوف والغيرية ..
ومنها بدافع الحقد والحسد
والغيرة ..
ومنها قد يكون لعلة في نفس
يعقوب ...
ومنها ما قد يكون بهدف
التطاول على الكرامات في
بعض اﻷحيان ..

لدرجة قد يكون فيها نوعآ من
المبالغة في بعض اﻷحيان قد
تصل إلى حد اﻹنتهاك لحقوقهم
المعنوية ..

وإسقاط لهيبة تلك اﻷسر أو
الشخصيات واﻹنتقاص من شأنها
وتشوية السمعة وللحط من
كرامتها ..

أوتوهين لكيانها المعنوي ...
أوالتشكيك في نواياهم ..
وقدراتهم .. واهتماماتهم ..

وهنا نتساءل :
أين نحن من سير وقصص القرآن
الكريم لحياة العظماء من اﻷنبياء والرسل الذين اختصهم الله بهداية
الأمم ...
وزودهم بكل المقومات والملكات والطاقات والتوفيقات والتسديدات
اﻹلهية لهداية الناس إلى مكارم
اﻷخلاق ومحاسنها ..

على سبيل المثال وليس
الحصر أنبياء الله :
( نوح ولوط ويعقوب وصفوته وخاصته نبي الله محمد )
صلوات ربي عليهم أجمعين ..

ومع ذلك فقد امتحنوا وأبلوا
بلاء حسنآ وعانوا اﻷمرين
مع أقرب الناس إليهم ..

من ( اﻷزواج والأبناء
والأرحام وغيرهم ... ) ؟!

كما جاء في كتابه الكريم :
( لقد كان في قصصهم عبرة
ﻷولي اﻷلباب )

💕 لذلك أحبتي ..
نحن بحاجة للتأمل وللتدبر :
كأفراد وجماعات ومربين
ومرشدين وموجهين
ودعاة ورساليين ..
في قول الله سبحانه وتعالى :

( فذكر إنما أنت مذكر لست
عليهم بمسيطر ) ...

و ( ليس عليك هداهم ولكن الله
يهدي من يشاء ) ..

 و ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن
الله يهدي من يشاء وهو أعلم
بالمهتدين ) 

💞 ومن هذا المنطلق لا نملك
إلا همسة من القلب إلى القلب ..

لكل أبنائنا وبناتنا الذين قد يمثلون
عبئآ نفسيآ وروحيآ وفكريآ ووجدانيآ
على ذويهم ومحبيهم وعلى
كل المحيطين بهم ..

💞 فتهمس حنايا قلوبنا
بالقول لهم :
أما آن اﻷوان للخروج من الشرنقة
ليكتمل نموهم ورشدهم ؟؟؟

ونضجهم النفسي والروحي
والفكري والوجداني للوصول
بذواتهم إلى التوازن في
شخصياتهم ؟؟؟

وتحمل مسؤولية نتائج أو
حصاد أعمالهم ؟؟؟

💞 أيها اﻷحبة ..
ما أحوجنا اﻵن لتحمل المسؤولية
لنتائج أعمالنا والخروج من شرنقة إسقاطات أخطائنا وقصورنا
وتقصيرنا وإخفاقاتنا على
كل من حولنا ...
( كشماعة نعلق عليها كل سلبياتنا
وشيطنتنا وقصورنا وتقصيرنا )
وكأنها ( مسمار جحا )
كما يقال ..

والبدأ بالبحث عن خطط
استراتيجية أو وسائل
وأساليب وأدوات أو برامج
تنموية وتطويرية لذواتنا ..

لسد الخلل إن وجد في تربيتنا
أو تنشئتنا أو في بيئتنا ..
( ﻷن الكمال لله وحده )

إذ تعتبر أولى خطواتنا لﻹنطلاق
لتحمل مسؤولياتنا الفردية
تجاه أنفسنا لﻹرتقاء بها
إلى مدارج الكمال ..

من خلال تأديبها وترك العادات
السيئة ..
كما يقول اﻹمام علي عليه
السلام
أيها الناس :
( تولوا من أنفسكم تأديبها
واعدلوا بها من ضراوة عاداتها )

مما يؤدي إلى حمايتها والحفاظ
على كرامة إنسانيتها ..
تلبية للنداء اﻹلهي ..
( ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم )

وليكن القرآن منهجآ ودستورآ
لحياتنا لنكون على بصيرة من أمرنا
ﻷن ثقافة القرآن تعزز وتؤكد على
أن كل إنسان مرهون بعمله إن
خيرآ فخير وإن شرآ فشر ..

إذ تعتبر المسؤولية الشخصية
من القيم الإنسانية النبيلة 
لكونها تضع الفرد في دائرة
التكليف ..

والمسؤولية قبل كل شيء
هي استعداد فطري ..
وهي المقدرة على أن يلزم
الإنسان نفسه أولا ً..
والقدرة على أن يفي بعد
ذلك بالتزامه بواسطة جهوده
الخاصة ..
والمسؤولية حالة ٌيكون فيها
الإنسان صالحاً للمؤاخذة
على أعماله وملزماً بتبعاتها
المختلفة ..
لاسيما التزام اﻹنسان بأوامر
الله ونواهيه ..

كما قال سبحانه وتعالى :
( أفَحِسبتم َأنما خلَقْناكُم عبثًا
وأَنكُم إِلينا َلا ترجعون َ)

إذآ لا تستقيم أمور الحياة إلا
إذا قام كل فردٍ من أفرادها بمسؤولياته الشخصية
والدينية واﻷسرية واﻹجتماعية ..

وقد جاءَت نصوص الشرع تبين
هذا الأمر وأن كل إنسانٍ
محاسب وحده عما جناه
وفعله ومكلف
بأشياء ومسئول عن أمور
يختص بها دون سواه ..

كما قال جل و علا :
( وكُلَّ إِنسانٍ َأْلزمناه طَآئِره
فِي عنقِهِ ونخرِج َله يوم الْقِيامةِ
كِتابا يلْقَاه منشورا * اقْرأْ كَتابك
كَفَى بِنفْسِك الْيوم علَيك حسِيبا *
منِ اهتدى َفإِنما يهتدي لِنفْسِهِ
ومن ضلَّ َفإِنما يضِلُّ علَيها
ولاَ تزِر وازِرةٌ وِزر ُأخرى )

وقال تبارك وتعالى :
( كُلُّ نْفسٍ بِما كَسبت رهِينةٌ )

فشعوِر اﻹنسان بوجوب أداء الأمانة أمام الله وأمام الناس والمسئولية الشخصية كذلك تجعل له قيمة في مجتمعه ..
وتتجلى هذه المسؤلية من خلال
السلوك المسؤول الواعي وعلى
بصيرة ..

مصداقآ لقول الله سبحانه وتعالى :
( بل اﻹنسان على نفسه بصيرة
ولو ألقى معاذيره )
و ( كل نفس بما كسبت رهينة )
و ( كل امرئ بما كسب رهين )

إنه مقام العدل اﻹلهي ..
فكل إنسان مرتهن بعمله
فحسب فلا يؤاخذ بجريرة
غيره ولا يحمل ذنب غيره ..

إذآ فكل مايحتاجه هؤلاء اﻷفراد
مجاهدة اﻷهواء والرغبات
والشهوات النفسية ..

لكي تحقق لهم سبل الهداية
والتوفيق للتغير للوصول إلى
تحقيق أهدافهم ..

مصداقآ للوعد اﻹلهي :
( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم
سبلنا )

و ( إن الله لا يغير مابقوم حتى
يغيروا مابأنفسهم ) ..

أما في حال استنفذ هذا اﻹنسان
جل طاقاته وإمكاناته وقدراته
ولم يذخر جهدآ في مساعدة
نفسه ..

وشعر بالعجز عن دعمها
واﻹستنهاض بها للوصول إلى
جادة الطريق أو إلى ماتصبو
إليه نفسه ؟؟؟

💡فهناك مسارات أخرى :

فمجتمعنا ولله الحمد بخير
ويتميز بوجود المؤسسات
المتخصصة في كل المجالات
الحياتية والموارد التنموية
لتقديم شتى أنواع اﻹستشارات ..

وهناك الكثير من اﻷبواب المشرعة
لتقديم النصح والتوجيه واﻹرشاد
في جميع المجالات التي من خلالها
تتطور شخصية اﻹنسان
ﻹيصاله إلى أهدافه ..

فما عليه إلا الرغبة واﻹرادة
والعزيمة والنية الصادقة ..
واﻷخذ باﻷسباب ..
والتوكل على الله سبحانه
وتعالى لطلب العون والمدد
اﻹلهي ..
( ومن يتوكل على الله فهو
حسبه إن الله بالغ أمره )

💞 أما الهمسة القلبية الثانية :

فنخص بها أولائك اﻷفراد الذين
ينتمون أو ينحدرون من أسر تتسم
بالنبل وبالرقي وبالحيثية اﻷخلاقية
والقيمية ..
ولم تذخر أسرهم جهدآ في سبيل الوصول بأفرادها إلى بر اﻷمان ..

بل ومازالت تعتبر ( التربية )
من أهم وظائفها الإسرية إذ يجد
كل فرد فيها من يصّحح له أخطاءه
ويجد من يقول له هذا حلال وهذا
حرام ويجد من يقول له هذا
صواب وهذا خطأ ..
إيمانآ منهم بأن سلوك الإنسان
سلوك مكتسب من البيئة
المحيطة به ..

وبأن مسؤولية الأبوين
لا تنتهي عند حد معيّن ولا
بسن معين تجاه اﻷبناء ..

فيبقى الأبن مهما كبر صغير في
نظر والديه ويحتاج إلى توجيههم ونصحهم وإرشادهم واحتوائهم
بسبب الرحمة التي وضعها الله
في قلب الأبوين ..
وبسبب الفرق في الخبرات
والتجارب ومصارعة الحياة ..

فلذلك إن العودة المحمودة إلى
دفء حضن الكيان اﻷسري ..
أحد أهم أركان الدعم والمساعدة
لاستعادة التوازن النفسي
والمعنوي لمثل هؤلاء اﻷفراد ..

بل هي بمثابة صمام أمان لكل
أبنائنا المغردين خارج السرب ..

بل يعتبر بابآ من أبواب البر
واﻹحسان للوالدين المقرون
رضاهما برضا الله وشكرهما
بشكره سبحانه وتعالى
والدعاء لهما وخفض الجناح
تواضعآ وشفقة ورحمة لاسيما
عند الكبر ..
كما جاء في قوله عز وجل :

( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ
الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا
رَبَّيَانِي صَغِيراً )

و ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا
وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا

حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ
سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُر
َنِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى
وَالِدَيَّ
وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ
وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ
إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ

الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا
وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَاب
ِالْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا
يُوعَدُونَ ﴾

دمتم محفوفين بتوفيق وسداد
ورضآ ورحمة من رب العباد ..
 
التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى