لماذا يتحدث المرء عن نفسه كثيرا فيصنع من شخصيته أسطورة يسجل البطولات و الإنجازات الفريدة و المميزة ؟!!
قد يعتقد البعص أنه صندوق خزانة من المجاهيل و الخفايا التي تغيب عن أذهان و حواضر الآخرين من حوله و يحتاجون إلى منبه يذكرهم بوجود جهبذ خارق يحيا بينهم .
الحقيقة الغائبة عن البعض هي أن الحديث عن نفسه و مقدراته دون وجود مصداق و مواقف عملية تؤيدها و تؤكد عليها يعني إعطاء انطباع عن قيامه بمجرد عملية تلميع لشخصيته و تسويق لوجوده عالي الشأن بين الناس لا أكثر بل و أعظم من ذلك هو عملية الموازنة و المقارنة بين أقواله الكثيرة و أفعاله القليلة يضعه تحت تقييم الشخصية الخاوية و التي لا يعتمد عليها في في الأنشطة الجماعية .
لا تدع شهوة الكلام و التفاخر المصنوع في ذهنك لا في الواقع هو ما يحاكي ماهيتك و محددات شخصيتك بل كن كتابا تقرأ أسطره و أحرفه من خلال عيون واعية تفهم عطاءك و روعة أفكارك و إتقان تنفيذك من خلال مواقف متعددة أظهرت لهم ذلك فكم من تجربة خضناها و أظهرت لنا معادن الناس دون أن ينبسوا لنا بكلمة واحدة فهناك من علاه صدأ التخاذل و التردد و الطيش و آخر برق لمعان حكمته و شجاعة موقفه و تجلده و تصبره في مواجهة الصعاب فكتبت أنامل الأيام و نقشتها على صفحاتها !!
الرسائل السلبية التي نوجهها تحدث شرخا و اضطرابا في علاقاتنا مع الآخرين كتعاملنا بتعالي أو الخشونة في الحديث أو النرجسية المقيتة و الحديث عن النفس و كأنك العصا السحرية أو المصباح الذي يفركه من ابتغى تحقيق أمنياته بنحو فوري هو رسالة مصيرها الإخفاق و خطأ التهديف و الإصابة المحققة فلا يرسي سفينة الاستقرار و الثقة المتبادلة و التفاهم بين الناس بل هي المواقف العملية الصادقة التي تشيد بناء التراص و الاحترام و العمل الجاد و التوافق .
و لعل الوهم و عالم الخيال الواسع يحضر بقوة في تصوير شخصياتنا فنظن أن الكلمات الجميلة تسعفنا بكتابة سيرة ذاتبة رائعة و مقنعة للغير فيجنح بنا نحو صناعة الشخصية الأسطورية التي لا تقف قبالتها أي ظروف أو صعوبات تجمح طموحها و تخطيطها و لكن ما هو في أرض الواقع يخالف تماما ما تحدثنا به مما يؤدي إلى صدمة و ردة فعل عكسية تجاهنا و تظهرنا بمظهر الحواة الذين لا يجيدون إلا الثرثرة .
التربية السليمة التي يتلقاها الفرد منذ الصغر هي العمل على بناء شخصيته و تقييمها على أساس معرفي و مهاري فكل معلومة نكتسبها من كتاب نقرأه أو تجربة نستطلع تفاصيلها تصنع النضج و الوعي و تجويد الأفكار التي نطرحها و نعالج بها قراءة الأحداث و الوقائع و نعالج بها المشاكل و الأزمات التي نمر بها بحكمة و روية فالحكمة و الرشد في الطرح لا يمكن لعيون الآخرين أن تخطيء وجوده و تقف له إكبارا .
كما أن تلك القدرات و المهارات الثقافية و الاجتماعية و الإبداعية تصقلها و تبلورها المواقف التدريبية و تظهرنا بمظهر الاقتدار و تحمل المسئولية و مهما كبرت فقاعات الحقد و التجاهل فلا قدرة لها على إخفاء جمال إنجازك .
بقلم : ( السيد فاضل علوي )