رؤية واضحة : سماحة السيد فاضل علوي ال درويش
10/01/2017


رؤية واضحة - السيد فاضل علوي ال درويش

الانفصال عن أرض الواقع و الوقوع في أحضان عالم الأحلام يعد معيقا عن تحقيق الأهداف و يتحفنا بمزيد من ضياع الوقت و تبديد الجهود المطلوبة فالأمل المتعلق بأمنيات داعبت مشاعرنا فارتسمت على وجوهنا بسمة الفرح و نشوة الانتصار ستهوي بنا في واد سحيق إن لم يكن لها داعم من أرض الواقع يرسم مفاصل العمل المطلوب و يضعه على سكة العمل ذي المراحل المتعددة و أما التغني بكلمات الحكماء و الشعراء و جعلها عصا سحرية تلبي غاياتنا سيدخلنا في نفق مظلم و متاهات تزيدنا تيها و ضياعا و تجعل من وجودنا المؤثر بشكل عملي واقعي صفرا و لا أثر له بعد أن آثرنا الجلوس أمام شاشة الأحلام الزائفة نتقلب بين صفحاتها .

لا يمكن لأحد أن يعطي ضمانات أكيدة لما سيكون عليه مستقبلنا مهما حملنا من تباشير التفاؤل و التأمل بغد مشرق إذ حياة الاستقرار و الهناء الدائم بدون استضافة المنغصات و الأحداث السيئة و الأخبار المؤلمة هو وهم لا وجود له إلا في الأساطير و القصص الخرافية و هذا ما يستوجب تعديل مفهوم راحة البال إلى مسيرة حياة يتحلى فيها الإنسان بقدرة على مواجهة التحديات و الصبر على آلامها و امتلاك فكر واع يساعده على تجاوز المحن و الأزمات بدون خسائر فلنكن واقعيين في آمالنا فلا يشط بنا النوى نحو السرابيات فلننطلق من تقييم صائب لما نملكه من قدراتة وإمكانيات متاحة متسلحين بمعرفة بما يواجهنا من صعوبات تعرقل مسيرنا فالإخفاق و التعثر أمر وارد لا ينبغي أن يصيبنا بردة فعل سلبية و اكتشاف الأخطاء و أوجه التقصير ومضة خبرة تكسبنا قوة في خطى المستقبل و ليست برسل إنذار تنبيء بفشلنا فتحيطنا بالخيبة و اليأس و الارتداد القهري .

لسنا بتلك القوة القاهرة التي تدحر هجوم الملل و الظروف القاسية بكل سهولة بل الواقع يشي بقوى تتصارع افتراسنا في لحظة نجهلها كما أن الأهواء و الرغبات الشهوية تجمح بنا نحو حياة اللهو و العبث و الأفعال القبيحة و الرذائل تسلك بنا نحو الضياع و التقاعس عن التحلي بقيم التكامل و الفضيلة و لعل العواطف العمياء الخالية من ومضات الحكمة و الرشد و التروي ترمي بنا في أتون الأخطاء المتكررة .

و عقد الآمال الكاذبة عندما نرفعها نحو السقوف العالية راجين نجدة و إسعاف أصحابنا بنحو دائم لا نفقدهم فيه أبدا في ساعة الشدة هي محض الخرافات القاتلة و ستلف تفكيرنا بوشاح الخيبة و يترسخ الاعتقاد المؤكد بأن حياتنا هي الوجه الآخر للبؤس و الألم !!!

وأما الأمل الحقيقي الذي يعبر بنا فوق حفر الحياة الماكرة فهو الثقة بما عند الله تعالى و الأمل بعطاياه فنحث الخطى نحو العمل الدؤوب بهمة عالية و كلنا رجاء بالفلاح و تحقيق الأهداف و ما نمتلكه من طاقات و رشد عقلي يهبنا رؤية واضحة للأمور و نهاياتها و مشورة أصدقاء أوفياء ندير معهم حلقات التلاقح الفكري و العصف الذهني كلها ما هي إلا أدوات حل المشاكل و تلقي بوارق النجاح بتوفيق من الله تعالى فالتوكل عليه يقودنا نحو إنجاز العمل المتقن .


التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى