شيء ما في نفسي....غالية محروس المحروس
7/09/2017
بنت القطيف: غالية محروس المحروس

همست اشراقة الصباح بهبات نسيم خفيف متخفيا من نافذة غرفتي , ابتسمت وحاولت فتح عيني المتثاقلتين من فرط السهر, وددت أن يتمدد الليل أكثر لأتم مقالي رغم إن نهار الصيف يهرول كالمجنون, لست وحدي إلا بجسدي أردت أن أذهب إلى مكتبتي التي تحفها الكتب والأوسمة, انظر إلى الساعة الصامتة فوق الحائط و عقربها يتحرك يؤشر على الخامسة صباحا, ويستمد حركته من نبض القلب والرأس, أحاول أن لا أزاحم الصمت الموجع,حيث كنت هنا يوما كخيل شاردة تنطق بالصمت, أدركني أيها الصمت إني أكاد أن أبوح بما في قلبي, حيث تهرع دقاته وينالني وهن غامض من الإحساس, فاعذروني لكل جسد قاموس مواجعه.

ترى ما الذي حدث لمشاعري في لحظة قضيتها بمفردي مع أفكاري التي تأخذني كأمواج البحر إلا إنني شعرت بأن لاشيء جديد كل الأشياء متجانسة, استنفرت مشاعري تأهبت وتركت لأفكاري العنان وخشيت على كلماتي ألا تتطاير من بين السطور,والتقطت قلمي دون اكتراث تنبهت إلى فنجان القهوة الذي كاد أن يبرد, وأخذت رشفات متلاحقة دون أن أتذوق طعمها الفاخر.

أكتب أرتبك أتعب أتخبط أستعيد بعض اللحظات التي تخصني وأعود إلى أوراقي برحلتي المتصلة بين القراءة والكتابة حيث أكتب ولكن من أين أبدا؟ ونادرا ما أبدأ مقالاتي بالعنوان ربما لأن الفكرة واضحة بذهني, وفي العنوان فضاءات مفتوحة على التأويل, حيث يختمر العنوان كأي عنوان لمقالة, فعنوان المقال يدل على فحواه, ويستطيع القارئ أن يدرك المغزى من خلال ذلك من غير أن يقرأه, أعذروني لهذه الكلمات التي أكتبها من سماء القطيف, بت اخجل بلساني الذي يخذلني أمامكم, ولولا بعض الحياء لتركت الأمر لدمعي لأشكركم به والدمع خير مقياس للشعور.

أعددت كوب قهوتي الخاص ورائحة الحياة تنعشني, وكما كنت أرث لوني وطولي كان يجب أن أتوارث طقوس احتساء قهوتي, والعجيب كلما ابتعدت عنها اقتربت مني, فلا غرابة في ذلك, وكانت والدتي وحبيبة قلبي لا تفارق القهوة بتلك النكهة العذبة, صدقوني وكأنني لست أنا و أكتب من كل قلبي وكأن ذلك التصريح قد أخذ مني الكثير, لكن ثمة ما جعلني أشعر بالغصة وتجتاحني الغبطة في آن واحد,قد أفتش وأنقب في ذاكرتي فأجد أحيانا إني فقدت كل الألوان.

هناك جملة استوقفتني طويلا وهي " عندما تموت فإن كل من حولك يبكي وأنت فقط الوحيد الذي يضحك, وهذا ما يجعلني أفكر دائما أن أسعد غيري بحيث يبكوني عندما تحين لحظة الفراق, وهذا يتطلب تضحية كبيرة وقلب أكبر وإن كانت كلمة طيبة في لحظة الحاجة لتلك الكلمة, ورغم المواقف الصعبة والحرجة في حياتي من البعض, إلا إنني غير نادمة عليها لشعوري إنها أضافت لي الكثير وتعلمت أكثر من لحظات الإحباط والخذلان, حيث لا اهتم بمن يحاول إحباطي وها أنا مستمرة ما دمت مؤمنة بما أقوم به, ولعل من حاول أن يثبط همتي وعزيمتي أن ينظم فيه إلينا .

ما يحزنني هو إنني ولدت في زمن يأكل المشاعر بالسكين ويتفنن في اغتيال كل جميل, ومن هنا أعلن إنني لن أستسلم أبدا وأنا احلم دائما بالسؤال الذي لن يعرف أو يقدر احد كيف يجيب عليه, وهو هل إن الحب مكتسب أم هو غريزة تولد في الإنسان ثم تكبر معه وتلون حياته وشخصيته وسلوكه؟ وهنا يرتد في داخلي خوف كثير, عندما أشعر بنبع الحب والحنان قد بدأ يجف وحتى بين الأسرة الواحدة والبيت الواحد, أنا هنا لا أقف بجانب أحد ما, لا أنحاز ولا أتعصب ولأسباب عدة, حيث البعض لا يتوقفون لحظة أمام مرآة نفوسهم يسائلونها إلى أين, أحاول أن أستجمع طاقتي وأرضي ضميري, وأسعى لأفهم ما يجري رغم إنني لست ساذجة إلى هذا الحد, كيف أشرح لك أيها القارئ هذا الاختلاف دون أن يكون خلافا, فالناس مختلفون في مفهوم الحب والحنان, وهنا قررت أن أكتب يوما بهذا الشأن دون خجل أو ارتباك, دعونا نضع أصابعنا في عيون الحاقدين الحساد لعلهم يلمحوا الحب في أعيننا وينافسونا بالحب ذاته .


فوجئت والمفاجئات لا تفارق حياتي وهي كثيرة ولا يمكنني سردها, ولعلني اسرد بعضها لاحقا قبل أن تسقط ورقة الريحان, لا أدري كل ما اعرفه إن أفكاري الجريئة تطرح نفسها علي, وحينها ينساب قلمي هنا تاركة في قلبي شعور دافئ بالرضا, وهنا تتزاحم في داخلي كلمات التحية والاحترام للقارئ ولتكن ملائكة السماء والفرح دوما معك, ولا أدري ما الذي تحمله الأيام القادمة وعلى أين تسير بي, وعزائي إنه ليس هناك أجمل من امرأة تعرف أين تضع أقدامها في عتبات الزمن المليء بالعقبات!


كثرة الأغصان تربك العصفور الذي يحاول التقاط الثمر, ولأنه يريد الثمر لا يهم عرقلة تشابك الأغصان, وليس كل العصافير تصر على الاقتطاف, ولكن سيأتي السلام للعصافير ما دامت في قلوبنا أعشاش لها, هنا حيث القطيف تتقوس الأنفس كي تشم رائحة ترابها , تنهدت مع نسمات الصيف الطويل ووعدني العصفور أن يوصل صدق عشقي لمن أحب, ولكن كيف الحب والسلام بذلك العصفور الذي غنيناه؟ مع إحساس قوي قد أبهر عيني ولا تعليق لدي سوى رغبتي في عناقه, ما عدت أحتمل لم يتبقى في ذاكرتي غيره, وعند الفجر بدت الدنيا عنيدة ومتسلقة خيوط الفجر, حيث تضج السماء بتكبيرات الآذان ويقفز ضوء خافت جهة الشرق, لست أدري ما الذي يدفع البعض إلى نوم متأخر دون صلاة الفجر, رغم إن للصباح طقوس تعرفها نفسي وينثر خباياه بداخلي الكل يدرك إن للصباح صلاة.

التذوق وخفة الظل والروح المرحة نعمة, يحسد صاحبها ويغبطه والضحك هو كالملح للطعام والنفوس الكريمة وحدها من تأتي بواحة الضحك الخصبة, وأنا أكتفي بالابتسامة وأختار الفرح تاركة للضحك أن يفسر الأمور كما يشاء ولن أجد ما أقوله بهذا الشأن,حيث اختصرت الحب في لحظة صمت وصمتي هوية وإن حملت غيرها من البوح,ذلك الشعور الذي يراقص وجدان المرء وليس أي كان, وإنما ذلك الإنسان الذي يمتلك نعمة القلب الذي يدرك معنى التذوق لطعم الحب والجمال في نعم الله عز وجل, كم نحتاج لحالة تأمل تعيدنا إلى طبيعتنا التي نتمتع بالجمال والحب من خلالها.

كل مقال كتبته كان يقدم هموما اجتماعية, وعندما أعبر عن الواقع بشيء من الواقعية والواقع سيبقى الواقع, ومن خلال كتابتي تتهذب أفكاري ويتعمق إحساسي بالشيء الذي ابتغيه,حيث كان همي منذ صباي أن أكون مختلفة عفوا أقصد متميزة, لا أرغب أي شيء يحد من إنسانيتي ويجعلني مغتربة على مجتمعي وزمني, وهذا ما جعلني أن لا أندم على تواضعي وتسامحي رغم وعورة الدرب حيث الإبداع الأخلاقي فيض رباني, وليتني أنتهز الفسحة هنا لأن أقول لنتحد معا ونتغلب على أنفسنا ونرفض المساومة على كل ما هو مميز ونزيه, فهل يا ترى تنجح محاولاتنا أم سيأتي وقت لا نستطيع فيه ذلك!

سيبقى الإبداع قيمة حياتي ومعناها فلا حياة لي ولا حضور في الأفق دون إبداع, قد تكون هناك شخصيات وحكايات و جوانب من شخصيتي, إلا إنني لم أطرح نفسي بطلة خالصة في مقالاتي, ولكنني أتماهى مع الشخصية وأتبناها لأنها وجهي الآخر, أحيانا أكون ما أطمح أن أكون ما أحلم أن أبلغه ولعل هذا هو جانب حضوري في مقالاتي.

الله درك يا قطيف ومن يقرأ فنجانك يا قطيف يتساءل متى تكفي عن عذوبتك وإلا سأزيد في عشقك ولن أتوب, فإحساسي الصادق قد أبهر عيني ولا تعليق لدي سوى رغبتي في عنادك لا بل عناقك .

أشكرك أيها القارئ على هذه العطور التي رششتها على جبين مقالي, تشريفك هنا يجعل حضوري دائم وإن شاغبت أفكاري فلا بأس حيث أزين مقالاتي بالدبلوماسية حتى لا أخدش عين القارئ.

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى