بقايا قلعة
15/09/2017

بقلم السيد عدنان العوامي 

بقايا قلعة لها تاريخ وقصص وحكايات, قصص تحكي تاريخا عريقًا في العلم والأدب والمعرفة, تاريخ يمتلك حضارة ضاربة في جذور الزمن منذ أمد بعيد.
كانت قلعة القطيف مكتفية ذاتيا من جميع نواحي المهن الحرفية والصناعية التي يحتاجها أي مجتمع في أي زمان ومكان.

قبل مدة كنت مارا بالقرب من فريق ( الزريب) فمررت بتلك الأزقة الضيقة المتعرجة في الجزء الصغير المتبقي من هذا الفريق ... فما ن دخلت حتى شممت رائحة زكية عادت به إلى الماضي.
رائحة يعرفها من استنشقها في الماضي.
ما زالت كماهي ربما خف عبقها, لكنها بلا شك تُعيدك إلى ذلك الزمن الجميل.
هذه البيوت الصامدة بجدرانها المتينة التي شيدتها سواعد سمراء أبدعت وأتقنت, سواعد يعرفها بالأسماء من عاصروا تلك الحقبة الزمنية.

عندما تتأمل هذه الجدران وتنظر إلى تلك الحجارة المتراصة فوق بعضها البعض, تعرف أن في قلب كل حَجرة حكاية طويلة, من أين جلبت؟ وكيف نقلت؟ من الذي جهزها؟ حتى مناولتها لتصل لِيَد أستاذ البناء ومعاونيه؟ حكايات يعرفها من مارسها أو شاهدهم, جدران شيدت بتعبهم وعرقهم.

وقد حاولت الحصول على بعض الشخصيات التي عملت في مهنة البناء في القلعة منهم من توفي وهم :
علي بن حبيب الغانم
عبدالله بن حبيب الغانم
‏رضى حبيب ‏الغانم
حسن بن خميس
عبد الرسول اصباخ
سعود اصباخ
نعمة الطويل
الحاج أحمد السنان أبو مكي
عبدالله الجشي

رحمهم الله ومنهم من مازال على قيد الحياة :
عبدالرسول المصطفى
علي أحمد المصطفى
السيد هاشم العوامي
مهدي عبدالعال
نسأل الله لهم الحفظ والسلامة
وقد تكون هناك أسماء أخرى لم تصلني لكنني أحببت توثيقهم بين هذه السطور ونعود للقلعة من جديد.
بقايا قلعة ..
تحكي لك بيوتها وسوابيطها وأزقتها المسقوفة
بجذوع النخل ...التي مازالت صامدة رغم مرور المئات من السنين عليها.
وهنا اأيضا للجذوع حكاية, من الذي قطعها؟ وكيف تم نقلها؟ ومن رفعها؟ وكيف تم رصها جنباً إلى جنب؟
في كل وزاوية من تلك حكاية.
بيوتها الصغيرة في مساحتها
لكنها متميزة في طرازها المعماري, فالأقواس والزخارف والنقوش لها طابعها الخاص, فقد كانت لوحة فنية تتصف بالروعة والإتقان, وترابط بيوتها وتداخلها مع بعضها البعض.
هذه البيوت والعمارة التي شيدها بناؤون مهرة نحتاج إلى ...... تجد الأبواب والدروازات الخشبية المنقوشة بالزخارف والآيات القرآنية والزخارف النباتية والإسلامية, وأيضا النوافذ الخشبية الجميلة المعشقة بالزجاج الأبيض والملون.
كل هذه الصور تخبرك أنه في ذلك الزمن أصحاب, كان هناك أناس يعشقون الفن والجمال وأن هناك أيدٍ ماهرة صنعت كل هذه العمارة وهذا الفن الأصيل, حيث لم يكن آنذاك كليات العمارة والتخطيط أو كليات الفنون الجميلة.
هذه القلعة لها تاريخ عميق
في العلم والتعليم والثقافة والأدب.
حوزات علمية ومنتديات ادبية في كل زاوية.
كان يرتادها أهل العلم والثقافة والأدب.
فكانت تعقد الجلسات العلمية ونوادي الشعر والأدب.
هذه القلعة خرج منها العلماء والاُدباء والشعراء والكتاب.
فزخرت بشخصيات علمية وأدبية ووطنية يذكرها الناس بالخير والمحبة.
رحلت. كان لها دور وأثر في حياة الناس.

هذه القلعة وتاريخها وحكاياتها الكثيرة والجميلة قد دون الكثير منها الشيخ على بن حسن البلادي في كتابه (أنوار البدرين في علماء القطيف والأحساء والبحرين) والشيخ فرج العمران قدس الله نفسه الزكية في كتابه (الأزهار الأرجية في الآثار الفرجية) وكذلك الكاتب الأديب المرحوم محمد سعيد المسلم في كتابيه ساحل الذهب الأسود وواحة على ضفاف الخليج -القطيف) والأديب الشاعر ملا علي بن رمضان في ديوانه (وحي الشعور) والأديب المرحوم السيد علي العوامي في (كتابه رجال عاصرتهم) وكتابه (جهاد قلم) وكتاب (الحركة الوطنية شرق السعودية) وعبد العلي السيف في كتابه (القطيف وأضواء على شعرها المعاصر) والشيخ عبد العظيم المشيخص في كتابه القطيف وقصباتها).

وقد ذكرها الشعراء والاُدباء في قصائدهم الكثيرة أمثال العلامة الشيخ عبد الحميد الخطي رحمه الله والشاعر المرحوم محمد سعيد الجشي والشاعر المرحوم الأستاذ محمد رضي الشماسي والشاعر والمؤرخ المعاصر الاستاذ السيد عدنان العوامي والعلامة السيد منير الخباز حفظه الله في أرجوزته والشاعر المعاصر الأستاذ حسين الجامع.
وغيرهم ممن لم تسعفني الذاكرة في تذكرهم, فقد كتبت هذه الأسطر على عجالة.
وبالطبع مازال هناك الكثير في ذاكرة من بقي من الآباء الذين لم يدون عن هذه القلعة.
ماضٍ جميل
يعرفه كل من عاش فيه
نتمنى أن تبقى هذه البقية الباقية من تراثنا وتاريخنا الجميل.

 
التعليقات 2
إضافة تعليق
مواضيع اخرى