ليلى الزاهر .
منذ أن خُلق الإنسان هو سيد الموجودات كرّمه الله على سائر خلقه ووضعه في صفوة مخلوقاته، لذلك أنا وأنت سيدان منذ الأزل . نحارب من أجل كرامة الإنسان ونعمل جاهدين ليسود الاحترام بيننا ، وأولى الناس بهذا الاحترام هم الأطفال ؛ طفلي وطفلك هما سيدان صغيران لهما كرامتهما المطلقة لذلك علينا أن ُنلبس أطفالنا رداء الاحترام منذ صغرهم لاينزعونه أبدا ، بل نحاول دائما تجديد ذلك الرداء للأفضل، ولنجعله مثل كسوة الصيف والشتاء .وكلما كَبُر الطفل نضجت نظرته للاحترام وعلا فهمه لمفهومه .
ومن صميم احترام الطفل إعطائه فرصة التقدّم التدريجي دون الضغط عليه ، ودون توبيخه بين الحين والآخر . لاتقارنه بنفسك أبدا ولا تردد أمامه العبارات الجوفاء قائلًا:
( أنا يوم كنت صغير كنت بطل ما أخاف مو مثلك جبان ماتنام في غرفتك لوحدك )
( أخوك يوم كان في سنّك كان أشطر واحد في المدرسة )
إن التمهل والتروي في إطلاق أحكامنا على الطفل هو الطريق الصائب لتربية سليمة تنتج طفلا مبدعًا.
هذا الطفل المسكين نريده أن يفهم بسرعة ،ويدرس بسرعة ويتفوق سريعا ويتصرف بلباقة مثل الكبار . نستعجله ليكون على شاكلتنا ونحن كبار ونسينا أننا كبرنا بأخطائنا وتعلمنا من سلوكياتنا الخاطئة وتدرجنا في فهمنا للأمور . ونحن نريده طفلا كاملا بين عشية وضحاها .ربما هذا الطفل الذي لم ينل إعجابك اليوم ستراه يوما محط أنظار الكثير .
علينا الصبر وعدم اليأس في زرع كل شيء جميل في نفوس أبنائنا .
ولن ننسى أن هناك أشخاص لايكتمل نضجهم العقلي إلا في سن الأربعين وهي حقيقة أثبتها القرآن الكريم .
ارفق به وعامله بلين وارحمه فهو غصن طري لم يكتمل نموه ، ولم تنضج ثماره بعد .
يقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: “عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ فَإِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ”
اصبر على تلك الثمار التي لم تنضج بعد ولا تسحقها بقدميك ؛ لأنك يوما ما ستراها يانعة جميلة وقد حان قطافها لتستمتع بلذيذ طعمها .
ارحمه باحترامه وتقديس طفولته البريئة وانعته بأجمل الصفات وأحلى الأسماء ولتكن الرحمة سيرتك في تربية أطفالك امتثالا لوصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “من لا يَرحَم لا يُرحَم”.