درس فوق خمسون ألف قدم !.. الكاتبة ليلى الزاهر
8/03/2017
ليلى الزاهر 

ما أن أوشكت الطائرة على الإقلاع حتى شعرت بإحساس الهدوء والطمأنينة بدا واضحا على من كان جالسا بجواري. عرفت أنه ليس من ضمن القائمة الطويلة لأولئك الناس الذين يشعرون بما يسمى ( فوبيا الطيران) . 

تجاذبنا بعدها أحاديث شائقة عرفت من خلالها أنه كان يخاف من ركوب الطائرة وقد كان معظم سفره بالسيارة ولكنه تخلص من هذه الفوبيا وأصبح كثير السفر بالطائرة عندما اعتبر الخوف من ركوبها جسرا يقوده للخنوع وهذا ما يرفضه كإنسان ناجح .

الجميع يمتلك (فوبيا) من مجهول بداخله وأحيانًا يظهر ذلك على ملامحه حينما يرتاد الأماكن المرتفعة أو يرى حوض سباحة عميقا جدا ، تنتفخ أوداجه ويتلون وجهه بعشرات الألوان لايستطيع إخماد الخوف المشتعل بداخله .
وكلما توغل في داخل نفسه ووصل للأعماق سيصادف أموراعجيبة زُرعت في أعماقه تؤكد هذه المشاعر والتي يمكن للبعض أن يصفها بالمشاعر الحمقاء بالرغم من أنها تشكلت دون قصد . 

يردد الخائف دائما مقولة : ( الخوف مُعلّم حكيم ) ولكن حقيقة الأمر أن الخوف يخلق العجز ويربي في النفوس عدم المقاومة والضعف المركّب فمادمت خائفا لن تنجز وستظل في حدود ذاتك لن تخرج منها أبدا، لأن شجاعتك هي التي تقودك للظهور وخوفك يقودك للقبور .
اترك الخوف جانبا وليكن خوفك من الله هو الذي يسيّرعلاقتك بالناس، يقول الفضيل بن عياض : ( من خاف الله خوّف الله منه كل شيء، ومن لم يخف الله خوّفه الله من كل شيء) . 

إن الخوف من الله تعالى شعور جميل يربي في الإنسان كل معاني الحق كصحوة الضمير واليقظة في العمل والإخلاص في إنجازه ، كل الخطوات محتسبة وكل الأقلام والأفكار خاضعة لرقابة ذاتية مؤمنة فلا تلاعب بمشاعر الآخرين ولا نفاق يُراق في الطرقات لمصلحة محسوبة ، ولا توجد حُفر للإيقاع بالآخر . وهكذا يُعدُّ الخوف من الله أرقى أنواع الاحترازات في أعماق الإنسان ولن تشعر بفوبيا من أي نوعٍ حتى لو ركبت أعلى طبقات الجو فوق مئة ألف قدم .

التعليقات 2
إضافة تعليق
مواضيع اخرى