ثمِّن الموجود و تخلى عن المفقود (قاعدة ٩٩).. للكاتبة : مفيدة أحمد اللويف
21/07/2019

مفيدة أحمد اللويف

(ولا تتمنوا مافضل الله به بعضكم على بعض)

عليكم أن تعيشوا ذواتكم و أن تمشوا خطاكم بدل أن تعيشوا حياة الآخرين إننا نعيش حالة خطيرة تسلبنا سعادتنا وذلك بمراقبة الآخرين كيف يعيشون و ماذا يصنعون و كم هي مقدار ثروتهم! الإنسان في هذه الحالة سيعيش بألم و حزن وسيكرر في داخله لماذا الآخرين أرفع مستوى و أرفع مقاماً مني!! لماذا فلان هذا لديه سيارة!! و أنا لاأملك و غيره عنده ثروة و أنا لا!! يدمر بذلك حياته و ينتهي به إلى الكآبة حيث الكآبة من أمراض هذا العصر فنرى القلوب ميتة و البسمة انمحت من الشفاه و الفرحة ليست موجودة في القلوب واهم أسبابها هي العيش حياة الآخرين من خلال قرائتي لكتاب المرحلة الملكية للمؤلف الدكتور خالد المنيف مرَّت علي قصة جميلة وفيها عبرة القصة نتعلم منها كيف نثمن الموجود لدينا ونقدره و أن نتخلى عن المفقود الذي لا نملكه وبأن لا نتعلق به.

أحداث القصة تتحدث عن ملك لديه الكثير من القصور و البساتين و الجواري وكان ذلك الملك يحكم الملايين من البشر ومع ذلك كله لم يكن يشعر بالسعادة بل كان دائماً مبتئساً و حزيناً وكان لديه خادم يكون معه ‏نصف اليوم والنصف الآخر يعود ذلك الخادم لعائلته لاحظ الملك بأن ذلك الخادم كان يعيش سعيدا ومبتهجاً و الإبتسامة لاتفارقه أبدا و كان يرجع لأهله نهاية اليوم بكل شوق و يتناول طعامه معهم و يلاطفهم ثم ينام بهدوء ظل الملك يتساءل في نفسه ماسر سعادة ذلك الخادم! ولماذا أنا الملك لا أنعم بربع راحة هذا الخادم و سعادته!

استعان الملك بمستشار له ذو خبرة و سأله عن تلك المفارقة ورد المستشار بعد تفكير عميق: جرب معه قاعدة (٩٩) قل لخادمك سأُهديك صرة فيها ١٠٠ دينار ثم أرسِلْها له مع فلان (رجلا معروفاً بالأمانة) ولكن في الحقيقة ضع له ٩٩ دينارا و ستندهش من نتيجة ماسيحدث و بعدها ستعرف الإجابة على تساؤلاتك أيها الملك الموقر! فأمر الملك بتنفيذ قاعدة (٩٩) فورا.

ماحدث بعد ذلك هو أن الخادم استلم صرة النقود و عندما عدَّها وجدها ناقصة ديناراً واحداً فعدَّها مرة أخرى و أيقظ أهله ليساعدوه في البحث عن الدينار المفقود فربما سقط بجوار بيتهم و قضوا ليلتهم الباردة بالبحث في الطرقات المجاورة و ابتئس الخادم و حزن بسبب فقده للدينار حيث طلع عليهم الفجر و لم يجدوا ذلك الدينار وفقد الخادم أعصابه و وبخ أهله و لامهم على ضياع الدينار اختفت ابتسامة ذلك الخادم و ذهب لقصر الملك وهو مجهد من السهر و متكدر بسبب فقده الدينار عندها أدرك الملك معنى مبدأ (٩٩) حيث الخادم لم يقدر كونه يملك ٩٩ دينارا و علق سعادته على الدينار المفقود مع إن ٩٩ أكبر بكثير من الدينار الواحد.

لقد كان سبب شقاء الملك هو التركيز على مافقده دون أن يثمن ماهو موجود لديه ويملكه وهذا مايجعل من الإنسان سجين هم و شقاء لتكن سعيداً عليك بمبدأ الإستغناء فإن صعب عليك امتلاك بيت كبير فأخرج الفكرة من عقلك و انسها و إن لم تحصل على المركز في الوظيفة التي تناسب شهاداتك و طموحاتك فلا تكثر التفكير فيها فإن بقاء تلك الأمنيات في رأسك تعيق تقدمك للأمام وتجعل منك انسانا قلقاً و ممكن أن يتسبب هذا في شقاءك.
 

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى