اللعب فوق الرمال.. الكاتبة ليلى الزاهر
13/03/2017
ليلى الزاهر 

يُعدُّ هذا العصر بانفتاحه العشوائي شاهد وناطق بأزمة عميقة أحدثتها التكنلوجيا الصاخبة في حياتنا وتسببت فِيهَا التغذية الإلكترونية الخارقة لعقولنا صغارا كنا أم كبارافغدتْ تجمعنا أسقف منازل فقط وقلوبنا تسكن في الجانب الآخر منها .أصبح أطفالنا يجيدون اللعب الإلكتروني بدلا من اللعب فوق الرمال ، وظهر لنا شركاء ُكثر في تربيتنا لهم ، فتضاعف العبء علينا ودخلنا في طور الرعب الاجتماعي للناشئين نتيجة للعزلة، انجذبنا قبل أطفالنا نحو سحر الأجهزة الذكية لذا لن نستاء عندما نرى أطفالنا في حالة غفوة في معظم أوقات اليوم .

فعندما تُفضّل طفلتي الصغيرة الآيباد على أرجوحتها ، فإن هذا الأمر يدخل قسرًا في طورالأمل المفقود من المقدرة الذاتية على مواجهة العواصف الاجتماعية. هذا فضلا عن شعورها العميق بالاحباط والاضطهاد عندما تُزج في أحد المواقف الحياتية ؛ لذلك كانت العودة لأحضان الأسرة هي السبيل لاسترجاع عنفوان الحياة الممتعة كما أن سدّ جميع الثغرات التي يتسرب منها التلاحم الأُسَري، أمر تقتضيه دوافع الاستقرار والأمان النفسي من سطوة حمى تلك الأجهزة المستعرة . 

إن تجديد أدوات التعامل مع الأبناء واستبدالها بأدوات مبتكرة تخلق إيجابية وتفاعل في إدارة حوار ناجح متبادل المنفعة وخاصة في ظل تساقط القدوات الحقيقية وبعد ظهور منظومة جديدة تقيس القدوة بمقياس خاطئ يُتقن فن خداع
العقول البسيطة بحركات إيقاعيةمبهرة . وعندما كنا في السابق نعتبر مراقبة الطفل أمرا مجديا فأننا اليوم نعتبرها أطروحة قديمة حل محلها قانون إشراكه في رسم الصور المتعددة لحياتنا لأنه يبعده عن اقتناء أفكار مستوردة ويعطيه مناعة قوية ضد هذا الانفتاح الهمجي على عالمه الصغير . 

حقا لقد اندهشت عندما أخبرتني طفلة صغيرة في الصف الرابع الابتدائي أنها رفعت هاتفها النقّال وهاتفت خط مساندة الطفل شاكية والدها لأنه لم يشركها مع أختها في الحوار، لذلك أصبح من الضروري الانتباه إلى أن طفل اليوم يختلف عن نظيره بالأمس، إنّ هذا الطفل تجب استمالته بالحب وعلاجه الناجح لايكون إلا به ،فالحب المعتدل في قلوب الأسرة الواحدة والغير مبالغ فيه يُجدد الحياة ، والإفراط فيه يزيداحتمالية الخطأ في حق الأطفال خاصة .
فعندما يكون شغلي الشاغل حب طفلي وتتبعه سوف أسرق لحظات سعادته وأقيد حريته في الانطلاق لعالمه الحر وأبعده عن حضني شيئا فشيئا .
يخلق الحب في حياتنا مضامين قيمّة جدا ، إن الحبُّ بين الزوجين وبين أبنائهما هو الرباط الذي يحميهم من هوس العزلة الإلكترونية ،ويقضي على الرعب الاجتماعي الممقوت الذي وصلنا له نتيجة غيابنا بين الأجهزة الذكية .
لابد للكلمة الحانية الممزوجة بلمسة الحب أن تغزو حياتنا، وتسجل حضورها القوي بيننا حتى نتخلص من تلك الصيحات الإلكترونية.
يقول أحد الكتّاب: (تصبح الأشياء من حولنا بضخامة الجبال حين يضمحل الحب)


 
 
التعليقات 1
إضافة تعليق
مواضيع اخرى