المعلّم الزّمني ّ!....... ليلى الزاهر .
29/03/2020

 المعلّم الزّمني ّ!
ليلى الزاهر .
‏ طرح أستاذ جامعي يومًا ما سؤالًا على طلابه قائلًا : هل تعرفون لماذا أتفوقُ عليكم في إِلْمَامي المعرفي ؟
كان الجميع ينتظر منه إجابات يثني فيها على مثابرته العلميّة ومهاراته الفذّة إلا أنه قال بتواضع :
‏لأنني ولدتُ قبلكم هذا كل مافي الأمر ولو بذلتم جهدًا كبيرًا سوف تتفوقون عليّ وتحققون رُتبا أعلى من رُتْبَتي .
تلك المهارة السلوكية اللفظية لذلك الأستاذ جعلتني أبحثُ عن مصطلح ملائم له لأصف مايمتلكه من سلوك توكيديّ راقٍ في التعامل مع طلابه .لقد وجدتُ مصطلح (المعلم الزمنيّ) يظهر بين ثنايا معجمي .
المعلم الزمنيّ ينجح في بناء علاقات تمتد جسورها لفترات زمنية بعيدة بحيث يظل في الذاكرة آخذا بزمام الأيام والسنين يذكره طالبه في شتّى المواضع المهنية والشخصية .
المعلم الزمنيّ يمزج مع المادة العلمية المُقَدمة الحبّ لطلابه والحرص عليهم .
‏في أعمق علاقة جمعت بين التّميّز العلمي ودماثة الخلق .
‏لذلك كان حضوره قويّا في زمن كورونا وقام يحفّز طلابه على العلم بلمسة أبويّة حانية .
يبتكر المعلم لوحات جميلة حين يقود أهداف التعليم في الطريق الصحيح يوضّح ويُفنّد الأمور بصورة مُيسرة للأفهام كما هو في التعليم عن بعد .
من أبرز صور المعلم المشرّفة ابتسامة المعلم الرقمية التي لاح أفقها وسط الحجر المنزلي حيث يصبح الوقت أجزاءً تتبعثر هنا وهناك ولايكون السبيل لاحتواء الساعات والأيام سوى اختراع تدابير مجدية لمواصلة المسيرة العلمية للطلبة والطالبات .
وكما نجح القطيف وأهله في إبراز قوتهم بالبقاء في منازلهم حفاظا على المصلحة الوطنية سوف ينجحون في تخطي هذه المرحلة بأفضل النتائج العلمية .
وكنموذج رائع للمعلم الحريص قامت إحدى الأستاذات الجامعيات في إحدى جامعات الأحساء بإعطاء درجة البحث والواجبات النصيب الأكبر من الدرجات وغلّبت قوة التدريبات الذهنية في مناقشاتها لتحسين أداء طالباتها .
وفي كل يوم وعن بُعد تفتح النقاش مع طالباتها تحادثهن تشرح لهن تمازحهن بخفة روح وكأن التعليم البُعْدي قرب المسافات بينهن .
جميع التجارب القاسية التي يمرّ بها المعلم تصقله من الداخل وتربي فيه الإنسان الخبير
وتُضيف له رصيدا جديدا من الحب والاحترام .
‏وقفة إنصاف للمعلم الزّمنيّ فكل فصول السنة تُشاطره عمله وكل الأزمات التي يمرّ بها طلابه هو مشاركٌ لهم في تخطيها .إنّه يبذر ويزرع ويحصد ويجني ثمار غرسه.
ولاشيء أجمل في حياة المعلم من مقابلته لطالبه الطبيب فيحاول معرفة أسباب ذلك الاهتمام والتقدير غير أنه في يوم ما وفي ظروف حالكة وقف بجانبه وجعله حدثًا ونجما ظاهرًا في السماء .
أما عندما يقدّم المعلم مادته كواجب يتقاضى عليه أجرا فقط سوف ينتفي حبّه لعمله وسوف تُمحق الصلات الجميلة الرابطة بينه وبين أبنائه ويختفي في كهوف الزمان .


 

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى