الأخطاء الإملائية في مواقع التواصل الاجتماعي
19/10/2020

( الأخطاء الإملائية في مواقع التواصل الاجتماعي )

 بقلم الأستاذ / كمال بن علي آل محسن 

ليس معنى أن يكونَ الخطأُ منتشرًا وشائعًا القبول به والاستسلام إليه ، والعجز أمامه ، وعدم وجودِ ردة فعلٍ لكلِّ تلك الأخطاءِ الإملائيةِ التي تعجُّ بها الرسائلُ والتغريداتُ وجميع أنواعِ الكتاباتِ بمسمياتها المختلفةِ في مواقع التواصل الاجتماعي ، فلكلِّ فعلٍ ردةُ فعلٍ مساوية له في المقدارٍ ومعاكسة له في الاتجاهِ كما نَصَّ على ذلك القانونُ الثالث من قوانينِ عالمِ الفيزياء الشهير نيوتن ، فَلِمَ لا نشاهدُ ردةَ فعلٍ بحجمِ محبتنا للغتنا العربية ؟! فنحن أبناء هذه اللغة ، ومن الواجب علينا الدفاع عنها من هذا التشويهِ المقيت ، والذي تأنفه النفس التي تعتزُّ بلغتها وتفتخر بها . 

نحن أمام قوتين : قوة الفعل ، وهي الخطأ الإملائي وانتشاره بأنامل أعداد كبيرة من أبناء لغة الضاد ، وبين قوة ردة الفعل من قبل الغيورين الذين يضجرهم ويحزنهم مشاهدة وقراءة كل تلك الأخطاء الشنيعة وبصورة متكررة ، فيا له من ألم ووجع بصري ! ومما لا شك فيه ولا ارتياب بأن هاتين القوتين متضادتان ، وبينهما تنافر وحرب باردة لا تعدو كونها كلامية ، فالكل يدلو بدلوه ، والكل يلقي ما في جعبته ، والكل يطرح رأيه ، وبين هذه وتلك فهناك لغةٌ تستباحُ ولا تراعى في أبسطِ قواعدها .

 نوجه في هذا المقام رسالتين اثنتين :
*الرسالة الأولى لأصحاب الأقلام الذين لا يراعون القواعد الإملائية السليمة في كتاباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي ، فيما يلي نصها :
إنّ تعلم المهارات الإملائية في اللغة العربية ليس بالأمر الصعب أو الكؤود ، وخصوصًا تلك التي يشيع الخطأ فيها ، ولو قمنا بعمل مسحٍ سريعٍ لمعرفة وتحديد الأخطاء الإملائية التي يقع فيها الكثيرون أثناء الكتابة ، سنجد أن موضوعاتها تدرس في المرحلة الابتدائية وبطريقة سهلة وميسرة ، وباطلاع بسيط على مقررات المرحلة المذكورة ، وتصفح سريع فيه قليل من التركيز ، سنفهم المهارات الإملائية فهمًا جيدًا ، نحصن به أقلامنا من الوقوع في الزلل والخطأ عند الشروع في الكتابة . 

*الرسالة الثانية للمختصين في علوم اللغة العربية ولكل من يهمه أمر هذه اللغة الخالدة ، لإعداد اجتماعاتٍ وندواتٍ وحملاتٍ تهدفُ إلى تعليمِ الناسِ الظواهر الإملائية الأساسية في اللغة العربية ، ووضع خططٍ علاجيةٍ لكل تلك الأخطاء الشائعة التي تشوه جماليات لغتنا وتنخر في قواعدها المتينة وأسسها الراسخة . 

قد يظن البعض أننا نبالغ في طرحنا لهذه القضية ، وأن الأخطاءَ التي نراها كل يوم وبأعدادٍ هائلةٍ وكثيرةٍ لا تدعو للقلقِ أو الانزعاج ، نقولُ لهؤلاء - مع إجلالنا وتقديرنا لهم - بأن ذلك تسطيح ولا مبالاة وانعدام لوجود نظرة عميقة للمشكلة ومآلاتها ونتائجها الكارثية على لغتنا، فالموضوع خطير وحساس جدًّا ، ويجب علينا أن ننظر إليه ونتأمله من عدةِ زوايا لا أقلها فيما يتعلق بجيلٍ سينشأُ على هذه الأخطاء ويعتاد عليها ، فكيف سيكون مصيره ومصير أبنائه في المستقبل ؟ وكيف سيكون مصير لغتنا العربية معه ؟!
وفِي الختام ننثر بعض الزهرات في بستان لغتنا العربية ممزوجة بحروفها الآسرة :
لغتي وأفتخرُ إذ بُلِيتُ بحبِّها
فهي الجمالُ وفصلُها التِّبْيَانُ
عربيةٌ لا شكَّ أنَّ بيَانَهَا
مُتَبَسِّمٌ في ثغرهِ القرآنُ

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى