الوئام الزوجي
20/04/2017
السيد فاضل علوي ال درويش

السعادة الزوجية و العلاقة الناجحة بين آدم و حواء تعتمد على أسس تنميها و تقويها فالارتواء العاطفي و الانسجام النفسي و التوافق الفكري هي عوامل الاستقرار و الألفة و الطمأنينة بين الزوجين و أي خلاف أو سوء فهم بسيط يمكن تجاوزه بدون أي ألم أو جرح مشاعر لأحدهما إذا كانا يمتلكان آليات حل المشكلات من خلال الحوار الهاديء و الإنصات لوجهة نظر شريك الحياة دون تجاهل أو استصغار لرأيه إن لم يقتنع به فالحياة المشتركة تفرض عليهما تحمل المسئولية لا من جهة الوظائف و الأدوار المادية بل و من جهة إسعاد الآخر و الاهتمام به و تجنب أي خطوة أو رسالة سلبية تعكر صفو الوئام بينهما فتجاهل أي خلاف أو زعل من أحدهما سيحوله إلى تراكم سلبي يقوض دعائم الحب بينهما .

و الحياة الزوجية تتطلب منهما أداء دور و توفيته بالتمام دون تقصير و لكن هذا لا يعني أن تسود بينهما الحسابات الدقيقة و التي لا تغفر أو تتجاوز عن أي هفوة أو خطأ في لحظة انفعال أو غيرها فالتسامح و تفهم ظروف الآخر يزيد من المنسوب العاطفي بينهما و يشعر كل طرف بأن هناك من يحبه بصدق و لا يتحمل منه أي جفاء و لذا فهو يبادر إلى إصلاح أي توتر أو تشنج يطرأ على علاقتهما .

تحديات الحياة و صعابها و العمل الحثيث من كل فرد لتكوين الإطار الإنجازي لذاته و تأكيدها يتطلب منه جهدا شاقا و متعبا يتحمل فيه الكثير من محطات الإخفاق و التعثر و منغصات العلاقات الاجتماعية و هذا الهم يحتاج فيه إلى من يخفف عنه تواجده الثقيل على قلبه و لن يجد عونا مساهما بشكل فعال في تنشيط قواه النفسية و إزاحة سحابة الكآبة كشريك حياة يفهمه و يقدر دوره و ظروفه و يقدم له من المساندة العاطفية ما يخفف عنه تلك الأعباء و يسعفه في جلسات الحوار بما يعينه على استعادة توازنه الفكري المنظم .
 
هذا الوئام و الدفء العاطفي يحتاج إلى تصور واضح للعلاقة الزوجية و كيفية ترسيتها على شاطيء الأمان و الاستقرار و لذا نحتاج إلى تقديم ثقافة زوجية لأبنائنا و بناتنا توضح لهم التعامل الزوجي الأمثل و كيفية مواجهة الخلافات و معالجتها بهدوء و العمل على تنمية العواطف الصادقة و التي تؤكدها مواقف المساندة العملية و ثقافة التسامح و الاعتذار تبرد أي خلاف تسعر في لحظة انفعال و يأخذه نحو الحل .

و المفهوم المثالي الخيالي للحياة الزوجية و ترسيتها على كلمات الحب و الفسح و الهدايا المادية فقط مطب يقع فيه بعض الأزواج مما يجعله في دوامة و حيرة مما يواجهه من مشاكل و خلافات و مشاحنات تنغص عليه هناءه و قد يأخذه هول المفاجأة إلى التفكير بالانفصال تخلصا من المتاعب !!

ما ينبغي فهمه أن الحياة الزوجية هي تحمل للمسئولية و الدور المناط به و الذكاء العاطفي و الاجتماعي بما يقدمه من وصفات يمد يد الوئام و الحنان و يسعفهما بمعالجات موضعية لأي خلل يطرأ على علاقتهما المستقرة فبشيء من التفاهم و الإنصات للآخر و التنازل في بعض المواقف تعود المياه إلى مجاري الدفء في حياتهما المشتركة و تجنبهما مزيدا من التأزم الناتج عن التجاهل و العناد و التزمت .

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى