متسولة على كرسي العرش..بقلم السيدة نرجس الخباز
22/04/2017
السيدة نرجس الخباز

هناك في ذلك الزمان والمكان الورديان تجلس كل يوم متربعة على كرسيها الأحمر المزخرف بالنقوش العثمانية القديمة تبدو وكأنها إحدى أميرات الثراية ، تلتحف شالها محتضنة يديها الضعيفتان ، تنظر إلى حديقتها الصغيرة من خلال نافذة أمامها اعتادت أن تتأمل شجرة المانجو التي لم تثمر يوما . وان لها الثمر وقد زرعت هي وأختها شجرة الاترنج في حوض ملئ بالرمل فقط ليس به أي مقومات للحياة سوى صنبور ماء يفتح بين ألحين والآخر . 

أفكارها المبعثرة في ذاكرة الزمن تقودها لتشبيه نفسها بشجرة المانجو تلك التي تتآكل أوراقها المغبرة محترقة من أشعة شمس الصيف الحارقة ومن ندرة الماء والغذاءرغم لونها الاخضر ، كم أسقطت من ورق وكم أنتجت بدون ثمر تحدث نفسها : ها أنا أجلس مثلك على كرسي المفضل وأستجدي قطرة ماء لعلي أروي بها ظمأي ولربما أنتج ثمرا ، الفرق بيني وبينك انني أنتجت ثمرا سابقا وعشت حياة. فعمري أطول من عمرك في هذا البيت . ثلاثين سنة تترامى بي أمواج الحياة أنفقت فيها كل مااملك من حب وحنان وجمال ومال لتطأ رجلي ساحلي وقد أفلست، رصيدي هو ثمري السابق الذي استجدي منه الحب الحنان والمال ايضا . ارثي نفسي المحطمة على ساحل العوز والحاجة . هذا هو قدري ان أكون أمامك الآن امثل الم الحاجة والعوز .

هذه هي الملكة خاتون و المتربعة على كرسي العرش ، وشجرة البيت ، والتي كانت في الزمن الماضي تغذي كل من بداخله حبا وعطاء .
الملكة خاتون هي اما مثل الكثير من الأمهات الاتي يعشن حياة العوز والحاجة النفسية والمادية بعد أن كنّ سيدات دورهن .واليوم أصبحنّ متسولات . قد يتساءل البعض ماذا أعني بمتسولات ؟ هل هُن الآتي يستجدين المال ؟ أم الحب ؟
وكلا الأمرين حقيقة. فهن بحاجة إلى الحب والمال .
واعذروني ان تحدثت خلاف ما تتوقعون عن احتياج الكثير من امهاتنا للمال سواء في بداية حياتها أو بعد أن أصاب الجفاف تربتها . المرأة في مجتمعنا سابقا تخرج من بيت والدها التي كانت تعيش في ضَل حنانه ونفقته إلى بيت زوجها الذي سوف يمارس نفس الدور أيضا ،فديننا كرمها بهذا القانون وهو تحمل الزوج تأمين المسكن والطعام والكسوة وكل على قدر سعته . 

وهنا على الزوجة مراقبة حالة زوجها ومراعاته إذا لم يستطع توفير ما يكفيها ويرضيها وهذا هو حسن التبعل الذي أكد عليه نبي الرحمة ( )
ولكن دعونا نعيش حالة الكثير من البيوت اليوم ، وحال الأمهات الآتي كان يجب أن يجلسنّ على كرسي العرش مكرمات ومحترمات .
الكثير تعرضنا الى الاهمال والحرمان بسبب ضعف حال الزوج أو بخله فعشنّ الحرمان المادي فترة طويلة من أعمارهن . وبما إن الزوجة عليها تحمل أعباء الإنجاب والتربية والرعاية لم تستطع العمل لسد هذا النقص.
البعض اشتغلنّ بحرف بسيطة تمارسها في بيتها والبعض اطر ان يبعن ممتلكاتهن الخاصة لمساعدة الزوج والأولاد . ثم ماذا بعد اليوم ؟
اليوم المرأة بحاجة لأكثر من كسوة وطعام، فمتطلبات الحياة اختلفت وحالة الصبر التي كانت تعيشها سابقا نفذت أمام هذا التطور في حياتها . 

أصبحت الأم الغير عاملة اليوم متسولة عالة على زوجها وأبنائها . قد تكون هذه المتطلبات بسيطة لكنها مهمة بالنسبة لها
فتعيش حالة الالم لإراقة ماء وجها أمام زوج او ابن اوبنت موظفة .
فكم من ابن انقطع عن وصال أمه لأنه يعتقد أن أمه تستغله ماديا ، وكم زوج انفصل عن زوجته لأنه لا يرى أهمية تلك الاحتياجات .
قد يتوفر لها الكثير من خادمة اوسائق ومنزل كبير يضم كل العائلة لكنها لاتملك ريال واحد تتصدق به مثلا بل رأيت البعض تلبس ذهبا لا تملكه لأن زوجها اشتراه لتتزين به فقط وليس لها الأحقية فيه متى محتاجه سوف ياخذه .
وهنا تجلس على كرسي العرش منتظرة من يتصدق عليها بمبلغ بسيط آخر الشهر
ربما تشتري به هدية لأحد أحفادها في عيد ميلاده . تشتري كتابا يكون رفيق وحدة والام .
ولهذا أنا أنصح بناتي بطلب العلم والعمل
سواى في بيتها أم في الخارج وأن لا تتجاهل حقوقها الشرعية و الأسرية وأن تثبت وجودها ملكة على كرسي الكرامة
فهي أولى بهذا اللقب والمقام . 

التعليقات 2
إضافة تعليق
مواضيع اخرى