قلوب مطمئنة
23/04/2017
السيد فاضل علوي آل درويش

أمام آفة العصر المدمرة و هي القلق و الخوف من الحاضر و المستقبل ، لابد للإنسان أن يركن إلى ما يحصنه من تلك الهواجس ، و يدخله في دائرة الهدوء النفسي و الطمأنينة ، و هذا الأمر ليس بالسهل نيله و الحصول عليه لكثرة العوامل المسببة لخشية وقوع الضرر و الألم ، فما حوله من بيئة لا يمسك بقوة أي شيء منها يعطيه الأمان و الضمان بالسلامة النفسية و راحة البال ، بل عجلة الحياة في تسارعها و وقوع الكثير ضحية للانخراط في خطوات عقيمة لم تجلب له إلا مزيدا من الحيرة و الدهشة ، و لم يظفر بمراده من الراحة !!

لقد اتجهت أنظار أهل الغفلة إلى العوامل المادية لوحدها لتحقيق السعادة و النجاح ، فحسب أن الحصول على المال يؤمن له مقومات و مستلزمات الحياة الكريمة ، كفيل بتجنيبه لأي هزة نفسية تسلبه طمأنينة قلبه ، و لكنهم وقعوا في حفيرة الطمع و الجشع و اللهث الدائم خلف المظاهر الخداعة ، حتى أوشك على نسيان حقيقة إقامته المؤقتة في الدنيا فما يلبث عن الرحيل عنها مخلفا كل ما جمعه ، فعاش كآلة مأسورة لحب المال مما جعله يعيش الهم الدائم خوفا على فقدان شيء منها ، و لم يورثه الغنى الفاحش تلك الراحة التي ينشدها !!
و آخر رأى في شهواته و الجري خلف تحصيلها دون مراعاة لضوابط أو قيم توقفه عند الخطوط الحمراء التي لا ينبغي تجاوزها ، فأطلق العنان لهواه و نفسه الجامحة لتضرب في أي بقعة دون رادع ، و هذا مغفل آخر عاش أسير نزواته و حاز القلق الدائم و التحسر على فوات بعض حظوظه منها .

التعلق بالمال أو الجاه أو الصحة و العافية أو قوة الفكر و البدن و التمتع بالقدرات لن يحقق للمرء الطمأنينة و الانبساط الدائم في الحياة ، فهي عوامل لا يمكن الوثوق بحضورها بل سرعان ما تختفي في أي لحظة ، و ما يحقق الطمأنينة الحقيقية بحضور القوة المدبرة لشئونه هو ذكر الله عز و جل ، إذ ليس هو بتلفظ يغيب عنه الوجدان ، بل هو قوة فكرية تستحضر آثار القدرة الربانية و يراها ماثلة أمامه في كل أجزاء الكون ، و لذا لا يخاف على نقص في عمره أو رزقه ، و ما تسبيحه إلا ترطيب للسانه بذكر صفات الرحمن القدير .

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى