سوبر ناني .. وضع الحدود
28/04/2017

الروتين و الالتزام بقواعد الأسرة أمر أساسي بالنسبة إلى الطفل الصغير و هو المرادف الحقيقي لكلمة الانضباط

ماهي المدة التي يجب أن تسمحي لأطفالك فيها بمتابعتهم التلفاز ؟ إلى الأمور المتعلقة بتغذيتهم أو أي جانب آخر يختص بالعناية بهم جميعها أمور يتكفل الإعلام بإيصالها إليك و لكن الانضباط أمر آخر و جزء هام يدخل في صميم الحياة العائلية وواحد من أهم أسباب تفجر الخلافات

متى نكون حازمين جدا مع أطفالنا أو متى لا نكون حازمين بما فيه الكفاية مسألة تحتاج إلى شرح طويل و لكني متأكدة من شيء واحد وهو أن الوالدين يفقدان سلطتهما حينما يتراجعان في قرارتهما في محاولة منهما للتقرب من أطفالهما كرفاق مفضلين

خلق الانضباط هو محاولة التوفيق بين شيئين أساسيين في تربية الأطفال أن تكوني محبة ودودة معهم وحازمة حين اللزوم وهذا يعني ضرورة تواجد قاعدة من الاحترام المتبادل بين الطرفين إذا كنت شديدة مع أطفالك فإنك قد تخلقين منهم أشخاصا ذوي نفوس كسيرة ولكنك في المقابل إذا ألغيت كل الحدود فغالبا ما سينتهي الأمر بهم كعاجزين عن السيطرة على أنفسهم عاجلا أم آجلا غالبا في المدرسة سيواجه هؤلاء الأبناء مواقف توقعهم في مشاكل كبيرة بسبب عدم قدرتهم السيطرة على أنفسهم ولذلك أثر سلبي على قدرتهم على التعلم و على تكوين علاقات صداقة مع أقرانهم

ربما تظنين أن الطفل المخول لفعل ما يريد وقتما يريد هو طفل سعيد خال من الهموم لكن الأمر ليس كذلك بكل تأكيد فالطفل الذي يستطيع الحصول على كل شيء يعتقد بأنه هو المسؤول و المسيطر وفكرة أن تكون مسيطرا وأنت في هذا العمر الصغير مسألة محيرة
الحرية المبالغ فيها بالنسبة إلى الطفل ليست مرادفا لمحبتك له بل على العكس تماما إنها تعطيه إيحاء بأنك غير مكترث به لدرجة أنك تتركين الحبل له و لاتكلفين نفسك عناء إرشاده و توضيح الأمور له الأطفال الذين يفتقدون الانضباط هم في الغالب أطفال خائفون مشوشون يفتقدون الشعور بالأمان

فالإطفال حين يحصلون على ما يريدون أو بمعنى أدق ما يعتقدون أنهم يريدون لا يشعرون بالرضا لذا فهم غالبا ما يستمرون في فعل كل شيء يخطر ببالهم إلى أن تطلبي منهم التوقف

في الحلقة الأولى من برنامج سوبر ناني قمت بزيارة عائلة كان يرئسها طفل في الثانية والنصف من العمر كان شارلي مسيطرا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى فإذا ما أراد شارلي أن يجلس عائلته بالكامل والده ووالدته وأخويه اللذين يكبرانه في العمر في الظلام مغلقا جهاز التلفاز و التكييف فإنه يحصل على ذلك بمنتهى البساطة وقد كان شارلي يفعل ما يريد كل يوم و بأية طريقة يشاءها و مع ذلك لم يكن طفلا سعيدا أبدا فكلما شعر شارلي باستسلام والديه له كلما ازداد صراخه و عويله بعد أن قمت بشرح بعض وسائل الضبط و التأديب لوالديه حيث تم تطبيقها بالتزامن مع انتهاج روتين جديد للعائلة ككل إضافة إلى التقدير المعنوي و التشجيع المستمر تغير شارلي بشكل جذري فبعد أن كان طفلا غاضبا حائرا بالحرية التي يمتلكها أصبح طفلا سعيدا يغمره الإحساس بالأمان و الاستقرار مدركا أنه يستطيع المشاركة في جميع الأنشطة العائلية بدون الحاجة لأن يتحمل هو المسؤولية

أنت بكل تأكيد لن تسلمي مفاتيح سيارتك لطفلك الصغير ليأخذك إلى السوق لكنك في الواقع تتصرفين بالمنطق نفسه يوميا حين تسمحين له أ يملي عليك أين و متى وماذا وكيف تتصرفين
الطفل في هذا العمر لا يمتلك بعد البديهة لإدارة حياته هو فما بالك بحياتك أنت

من خلال تجاربي شهدت كثيرا من العائلات التي لم تهتم كثيرا بوضع حدود و ضوابط لأطفالها يغيرون خطط تربيتهم لأطفالهم بالكامل بعدما شعروا أن الأمور قد أصبحت خارج نطاق سيطرتهم

وغني عن الذكر أن السلوك السيء حينما يكون هو النمط السائد داخل الأسرة فإن محاولة التغيير تحتاج لجهد ومثابرة من جميع الأطراف و التغيير ليس مستحيلا أبدا بل على العكس قد يصبح في غاية السهولة إذا ما اتبعت الأساليب الصحيحة لإحلال هذا التغيير و النتيجة لن تكون فقط طفلا سعيدا وراضيا كشارلي بل أسرة سعيدة راضية بكامل أفرادها أيضا




 

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى