كتاب تفاصيله مُؤلمة.. الكاتبة ليلى الزاهر
29/04/2017
ليلى الزاهر 

كانت تتحدث معي وعيناها تفيض ألما . بقدر جمال عينيها وبما تحمل نبرة صوتها من حنان كانت تبحر في بحر من الهموم ، لقد تاهت ابتسامتها في دهاليز الحياة
عرفتُ من خلال حديثي معها أنها تعمل في شركة كبرى وتتقاضى راتبا مغريا منذ سنوات وشقت جميع الطرق الوعرة كي ترتاد طريقا مؤلمًا بزواجه من الأخرى .
الحدث كان مؤلمًا لها، أكثر من حادثة موت ، وكأن جرحها حديث العهد، بينما شارف على العشرين عاما . 

 ربما تكون من النساء اللاتي يفضلن موت زوجهاعلى أن يتزوج بأخرى .
لذلك قرأتُ في عيني هذه المرأة كتاب تفاصيله مؤلمة ، وأوجاعا ليست باليسيرة عليها. وذُهلت من حجم العلاقة الوثيقة التي تربط بين العصفور وعشه ، والنحلة وزهور شرفتي كيف للزمن أن يشرخها؟! إن العلاقة الزوجية علاقة حب ومودة وتقدير وتقديس لمشاعر نمتْ في أحضان مترعة ورعتها أيدٍ صافحت السلام ، ولا يكون زوال هذه الأمور إلا لانتفاء موانع تعطّل إشراقة هذا الجمال على تلاله الخضراء.
لا أتحدث عن الزواج الثاني من منظور إسلامي فهو حق شرعه المولى عزّ وجل لايمكن الإجحاف بوجوده ، له كيانه وله مسبباته القوية أما إذا جاءت مسبباته كمالية تصبح صورته باهتة وسعادته منغصة . 

ليعذرني القارئ الكريم فإن أجمل العلاقات الإنسانية تبدأ بكلمة عهد وميثاق ، يصعُب علينا الانفلات السريع منها ، ويصعب علينا سكبها في أروقة الحياة لتسحقها الأقدار وتحيا دون وفاء .
يعمل الوفاء في العلاقات الإنسانية على تحقيق الوعود فمن يمتلك الحب لصاحبه يفي بعهده معه ولا يُلقي بحجر في بئرٍ شرب منه حتى لا يشرب صاحبه منها . 

والزواج الثاني لازال طاردا للسعادة ومخلدا للأحزان ، يصعد فوق أكتاف حرّة يحاول استعبادها ويلغم أفواهها ، مادام ليس له مبررا ولايحمل في طياته سوى المعنى الذي حمله المثل العربي قديما
(لو ألقمته عسلا عضّ إصبعي)
أجارنا الله وإياكم من هذه الأحداث المؤلمة . وأبعد عنكم شعور حرارة الرمضاء من وقعه .
من جهة أخرى قد تكون الزوجة الثانية سكنا وراحة من عناء الزوجة الأولى المتسلطة ، اللئيمة وقد ظفر بها الزوج بتوفيق إلهي عوضا عن آلام مبرحة وأوجاعا اقتلعت راحته
فألقى التعب وحطّ عن نفسه أثقالا من أوزار أخذت منه مأخذا عظيما
يقول سقراط :
( تزوج يابني فإن وفقت أُسعدت وإلا أصبحت فيلسوفا)
أسعد الله أزواجا زرعوا الحب بينهم وحصدوا ثماره وأطلقوا صيحات الحمد والثناء لله تعالى .

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى