علاقة تكاملية .. الكاتبة ليلى الزاهر
1/01/2017
ليلى الزاهر

كانوا ومايزالون يحفرون أسماءهم في ألواح مقدسة تفوح منها رائحة الإنجاز ، ويلقون بالكفاءات في أروقة مجتمعاتهم ، من نِتاجهم خرج الطبيب والقاضي والمهندس ، وسجلوا ببصماتهم أجمل تواجد للتكامل الإنساني والتطور البنائي للمجتمع.
يقول الشاعر :
إن المعلم في الوجود كنخلة
يكفيه فخراأن يُقال معلما.

يظل المعلم في ذاكرة الكثير من الناس ويكفيه حبًّا لعمله تخليد اسمه قولا ورسما في ذاكرة أحدهم ؛ لفكرٍ خلقه ،وسلوك أوجده فحاز قصب السبق عند أبنائه، ونال شرف تواجده في قلوب الكثير منهم .

إن المعلم وسيلة مُثْلى يرتقي بها النشء وخاصة عندما يدرك المعلم تلك العلاقة التكاملية بينه وبين طلابه فكلاهما له تأثيره على الآخر ، وكلاهما يُضيء للآخر طريقه فكم من المواقف التي رصدتها كاميرا البيئة المدرسية علّمت المعلم فنون التصرف السليم وألقت بشباكه في بحار مليئة بكنوز الحكمة والمعرفة الصائبة والحكم العادل والتبصر في خبايا النفوس . ولننظر لذلك الموقف التعليمي المُلهم ينقله أحد الطلاب :
كنت في الصف الثالث متوسط عندما دخل معلم اللغة العربية شاهرا قلمه الأحمر وبيده الأخرى سجل درجاته قائلا :
من حفظ القصيدة اليوم سأضع بجانب اسمه نجمة التفوق ، فليقف الحافظ . وقف الطلاب المتفوقون في الصف ووقفت بجانبهم وكانت فعلا المرة الأولى التي أقف فيها وأنا أشعر بكامل الثقة وموفور السعادة لانضمامي لهذه النخبة المميزة لكن المعلم عندما رآني تملكه شعورالدهشة ، فلم أكن يوما متفوقا البتّة ، وكيف لي أن أقف اليوم مع الصفوة من طلاب الفصل ؟ 
 

لقد بادرني المعلم ساخرا : هل حفظت القصيدة أم أنك .. ؟ ثم صمت ولم يكمل حديثه ولم يعلم أن كلماتهالجارحة كان مصدر نجاحي لقد أيقنت أنني عرفت السبل للدخول إلى عوالم لم أعرفها من قبل وبعد أعوامٍ عدة حققت إنجازات عديدة لنفسي وكنت مصدر فخر لعائلتي ، كنت متيقنا بأن من عرف نفسه جيدا لايضره مايقوله الناس فيه ، فالأمر يستلزم انتصارا على الذات ، وعدم الالتفات لمكيال الآخرين لأن مكيالي هو الأهم . 

منذ اليوم الذي تهكّم عليّ أستاذي فيه أدركت حقيقة نفسي ، ووعدتها بكل إنجاز يرتقي بها. والمهم في ذلك كله أن معلمي أصبح يراعي فرقة الموهوبين في المدرسة ، ويقتطع جزءا من وقته لمشاطرة الطلبة أفكارهم وغرس بذور كل معاني الجمال الإنساني في النفوس .


التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى