المظاهر تفتك بالعلاقات الإنسانية.. بقلم أميرة الحوار
14/05/2017
أميرة الحوار

أصبح التفاخر بالمظاهر والضيافة وحب الظهور والتباهي ، محل اهتمام كثير من الناس ، بعد أن دب الإسراف في معظم مناسباتنا الاجتماعية من وفيات وأعراس إلى تجمع الصديقات وتحول لِهم اجتماعي من أجل  تحضير ما لذ وطاب جراء المحاكاة والتقليد وانتهاء بالتجمع العائلي الأسبوعي الذي تحول بدوره لساحة لحصد النجوم أو للتنكيل وإعادة دور المسؤول عن الضيافة مرة أخرى في الأسبوع الذي يليه ، ليتعظ من يقصر ، بل تعداه لجرح مشاعر الأخ لأخيه والعم لإبن أخيه بألقاء الشتائم العلنية بمسمع ومرأى من كل الحاضرين ، حينها يخرج المسكين مغبوناً جراء ما ناله من تعب في التجهيز والإعداد ، يقابل بوجه مكفهر بغض النظر عن ظروفه ، ناهيك عن رفع الصوت والتشهير ، حتى كأنه في حلبة مصارعه ، في الوقت الذي يعامل الناس خارج نطاق العائلة  بالرقي وكرم الأخلاق ، كأنه نسي قول رسولنا الأكرم ص : خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي  .

فضلاً عن عدم الاعتذار أو الإحساس بالخطأ .

تلجأ بعض الأسر لإلغاء التجمع العائلي الأسبوعي وتقتصر على التجمع في الأعياد والمناسبات فقط ، لتخلف فجوة كبيرة في العلاقات الاجتماعية الأسرية وتكاد مثل هذه الأسر لا تعرف بعضها البعض ، نظير بعد المسافات وعدم الاجتماعات والتواصل خارج هذا الإطار .

ومن صور الإسراف والتبذير متابعة الموضة والانشغال بجنون الأزياء والاستجابة ، لضغوط الحملات الإعلامية الصاخبة التي تحمل كثيراً من متابعيها على شراء ما لا يحتاجون ، ولأن شهر رمضان المبارك على الأبواب ، سيكون تنافس المحلات على بيع السلع الغذائية من خلال حملات التخفيضات الكاذبة والوهمية أحياناً ، ليكون الشهر الكريم ، شهراً للتخمة وتناول أشهى المأكولات والمشروبات ، بالإضافة لمشاهدة المسلسلات المتتابعة والتي تهدف إلى ضياع وقت الشباب ، قال الامام علي ّ بن ابي طالب ع : العيون مصائد الشيطان . 

إن فكثرة الجلوس مع التلفاز تحدث قسوة في القلب فيضيع الهدف الأسمى لقدسية هذا الشهر وهو السفر إلى الله ، لذلك يجب ألا نعطيه أكثر مما يستحق ويجري ذلك مع كافة وسائل الأعلام الأخرى .

كم كان جميلاً تجمع الأسرة حول الأب والجد ، يأكلون من صحن واحد ويلتفون حول السفرة كالحلقة ، لقد فقدت علاقاتنا الاجتماعية نكهتها الخاصة الممزوجة برائحة الأصالة والطيبة وحلت مكانها نفوس واهنه تسقط عند أول امتحان لتتفتت الأسرة الواحدة وتنهش في عظامها ، أتساءل لم لا يكون الزواج مرطبات توضع مع بداية الزواج ، ولم لا يبدأ احتفال النساء باكراً ، لينتهي مع الرجال ، فيسهل على الرجل أخذ زوجته ورجوعهما للمنزل في الوقت نفسه ، لماذا السهر للصباح ، مما يضطر المرأة للرجوع متأخراً مع سواق أجنبي ، وهي بكامل زينتها مما يعرضها للتحرش والخطر ، لما يفرش بساط في الفواتح وكأننا في حفل زفاف رغم كراهة الأكل .

إنني اشيد بالخطوة التي اتخذتها كل من حسينية السنان وحسينية المبارك بمنع البوفيهات والاكتفاء بالمرطبات الخفيفة التي جرت العادة عليها لمحاربة الإسراف والتبذير بداية من السنة القادمة ، إنه لأحرى بنا أن نعود للبساطة وأن نجعل التسامح والمحبة طريقنا الأولى وأن نتغاضى ، فإن الكمال لله وحده وأن نحافظ على النعمة ، فبالشكر تدوم النعم .


 

 
التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى