كيف تخلق جيلا واعيا ؟
14/05/2017
السيد فاضل علوي ال درويش

كيف تخلق جيلا واعيا ؟ : ما نراه من تصرفات و سلوكيات غريبة و غير معهودة في مستواها و حجمها و كسرها للقيم و الأعراف من قبل شبابنا اليوم ، تجعلك تائها في معرفة طريقة تفكيرهم و اتجاهاتهم ، فتلك الظواهر السلبية و السلوكيات المقيتة و الجرائم في حق أنفسهم و غيرهم ، ما عادت لتقرأ بطريقة ساذجة ترجع الأسباب و العوامل المؤثرة لعامل التربية الخاطئة ، و محيط السوء و الخيبة الذي يحيا فيه بين أقران نقلوا له عدوى الجرأة الوقحة و التهور و الأفعال الطائشة فقط ، فما تسمع به أو تراه من تصرفات بعضهم في الشارع أو الأسواق أو المجالس أو أماكن الترفيه يصيبك بالدهشة و الخيبة من جيل عقدت عليه آمال الازدهار و تطوير مقدرات المجتمع و كأنك تعيش مع عالم آخر ، فهناك تصرفات غير مقبولة مطلقا بكل المعايير العقلائية ، و حالة من الوقاحة و الاستخفاف بحقوق الآخرين و التطاول على القيم و الأفراد دون مراعاة أو حياء ، و بلا شك أنها لم تأت من فراغ أو بدون عوامل ساعدت في تشكيلها و ازديادها بوتيرة سريعة جدا لا يمكن تصورها .

فحالات التحرش و المضاربات بشكل علني ألا يعد من الحالات التي تعبر عن خواء فكري و أخلاقي ، قد يجر الويلات و المشاكل التي لا حصر لها على المستوى المجتمعي ، بعد أن غدت الساحة مستباحة من هؤلاء المشاكسين ؟!!
لا يختلف جيل الشباب في عصرنا الحاضر عمن سبقه في البنية الفكرية ، و لكن غيبوبة المنظومة التربوية الفاعلة و سباتها عن مستجدات الساحة الثقافية و الاجتماعية و النفسية ، جعلها تعيش واقعا مغايرا تماما لما هو عليه الشاب اليوم من اتجاهات و آمال و عقبات و رؤى مختلفة ، هذه الفجوة و الفراغ القيمي و الثقافي جعل من الشاب كائنا ضعيفا أمام هجمة المسخ و الغزو الفكري ، فغابت علائم التقدم و الازدهار و التنمية من الشباب ، فلا تجد خطة ذات أهداف يطمح و يعمل جاهدا لتحقيقها و إنجازها ، و عاملا على تطوير قدراته و إمكانياته بما يتناسب مع متطلبات النجاح و الإنتاج ، و انشغل بما يقضي على مهاراته و يبلد فكره و حسه الوجداني ، في ظل افتقادهم للمربي و المرشد الممسك بأيديهم لعبور عثرات الحياة و صعابها ، فيقدم لهم من التوجيهات و النصائح ما يعينهم على فهم أنفسهم .

الشاب القوي في شخصيته و طموحاته و فكره ، و يمتلك طاقة نفسية و قدرة اجتماعية لإقامة علاقات ناجحة ، يمثل مطمحا و هدفا لخطط التنمية المجتمعية العاملة على إيجاد آليات و بيئة مناسبة لبنائه و تطوير قدراته ، و هذا ما يدعو إلى إيجاد أسرة واعية تملك فكرا واضحا لتكوين شخصية أبنائها متسلحين بالعلم و الخلق الحسن في التعامل ، موجهين بآليات مواجهة بما يمكنهم من إيجاد حلول و مخارج مناسبة لها ، فتتآزر أهداف الأسرة مع المؤسسات التعليمية و الاجتماعية المسهمة في تقديم تلخبرات اللازمة لإنضاج فكره و تنمية شخصية الشاب في جميع الأصعدة و الاتجاهات .

متى ما نشأ الشاب على حاضنة الحب و احترام الغير و الحكمة في التصرفات و اتخاذ القرارات ، سنجده يبتعد بشكل كبير جدا عن تلك الغوغائية و الهمجية التي نصادفها في بعض سلوكيات شبابنا و فتياتنا ، و سيكونون مصدر فخر و اعتزاز للجميع بما يمتلكونه من رجاحة فكرية و استقامة عملية و آمالا يتسابقون لإنجازها .



 
التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى