تنهيدة بين السطور
13/06/2017
بنت القطيف -غالية محروس المحروس

رأيت نجمة في السماء قلت: هذا القطيف, حين أصبح الصبح أفلت تلك النجمة , قلت لا ليس القطيف فالقطيف لا تخذل أحد.

أتساءل أحيانا لماذا نكتب ولماذا نتحدث عن ما نشعر به, وهل هناك حقا شخص يهمه الإنصات إلينا, في مجتمعنا تختلط الكلمات والدلالات حتى صارت تائهة بين العادات والتقاليد والفهم الخاطئ للوطنية, وهذا ما يشكل معضلات كبيرة لا يمكن تفكيكها إلا بتغيير ثقافة وفكر المجتمع الذي يبدأ بالأسرة, ربما هناك تساؤلات من الأفضل أن لا أحاول الإجابة عليها لأستمر هادئة, لا أعلم إن كنت أتحلى بثقافة ما تهيئ لي كتابة مقالاتي ,وهل حقا هناك من يتوق لقراءة هذياني ؟! لنعيش أنقياء ربما من الأفضل أن لا يكون لدينا ما نخفيه, ما أجمل أن ندعو من نودهم إلى مشاركتنا لحظات نقائنا, أحياناً نرهق أنفسنا بحثاً عن أسئلة للإجابات الواضحة.

كما نعلم أن هنالك الكثير من الجمال حولنا وعلى أرضنا وربما نحتاج أن نحكي عنه , لكني أحس بالرهبة والخجل أن علمت أن أحدا من القراء عندما يقرأني لا يدرك ما أكتبه, كما أن هناك أحاديث ذات عبارات قصيرة عميقة يحب الناس تبادلها أحيانا, وهم يرتشفون "القهوة" حيث يتأملون ما يدور حولهم, ويتركون رائحة القهوة تحلق بمخيلتهم ويكتفون بتبادل نظرات الفهم مع العيون "المتعبة عادة" التي ترافقهم ,من دون الحاجة إلى الخوض في التفاصيل , لك قهوة دافئة نعم بعضنا نهفو لهذه الرشفة كي نحيا بها.

ما أروع أن نغفو بحضن الوطن وذلك لعذوبة حبه, ما أقسى الاغتراب عن الوطن و الذات, كل الخوف أن يبقى الوطن في الذاكرة فقط,, الوطن آه الوطن ، نمنحه كل عذاباتنا وانتمائنا ، لكنه يستحق أكثر من ذلك ، ربما ثمة أزمنة قادمة سيمسح فيها الوطن الغبار عن ملامحنا, ولن يهجرنا الوطن, من قال أن الوطن بخيل, و ما أنبل أن لا نخجل من حاجتنا لحب الوطن, وهذه وتلك لوطن يعيش في القلب، وشعب يريد الآمان في حب يسع الزمان والمكان, هناك قرارات مصيرية في حياتنا ويا لبؤسنا لو كانت كرد فعل على انفعال متسرع!!


نغري الوقت ونراود الأشياء علّ ريحا تأتي صوب الوطن فتحمل لنا الفرح, لنحلم أبدا لم لا ؟أليس هذا افضل من كوابيس مازالت تلاحقنا؟ لربما في نزفِ وطنٍ يسكننا ونسكنه سيستحيل إهدائه,حيث الأوطان لا تُهدى، و أية بقعة في العالم لن تكون البديل عن وطن تلهث خلفه أنفاسنا, لكننا حين نيأس نبحث عن أحضان من نحبهم علها تكون الأمن والملاذ لنا نتخيلها كالوطن, الذاكرة الأولى هي ما تلازم المرء لآخر لحظة من عمره، هي الأم والأب والأخوة والأهل ووطن يجمع كل هؤلاء, فرحتي تكون حين يضحك الوطن وحين أرى السلام فيه, وأنا مع كل فجر أدعو الله أن يعم السلام في وطني وأن يحفظ أهله, هي أمنيات لوطن غالي هو أغلى ما أملك, إن كان هو الوطن أو السكن أو الحضن, فأكيد لن نستبدل به آخر هكذا هو الشجن.


ما أكثر الحكايا التي تحتاج إلى التخلي عن أقنعتها,و في دهاليز الذكريات تكمن حكايا وحكايا بعضها تأبى إلا أن تلون حاضرنا, أتساءل أحيانا عن الحكمة في وجود شوكة على الوردة البيضاء التي أحبها, وأجدها لا تتردد في جرحي رغم أنني أتوق للعبير فقط ولم أقطف وردة في حياتي, حيث تقول الحكمة الصينية : الحب والعطر لا يختبئان ولا يمكن إخفاؤهما, لا أعلم سبب الاستمرار بفرض المعاناة على ورود الربيع, ونحن ندرك أن الإنسان لا يخلو من حواجز ذاتية أو ظروف اجتماعية, يتوجب احترامها من قبل الآخرين مهما كان قربهم منا, إنها تلك النكهة الخاصة بنا التي لا يمكن تجاهلها لكي نحيا بأريج لا ينفذ, من المفيد أحياناً أن ندع شفاه الزمن تروي حكايتنا, هناك الكثير من الحواجز غير المبررة أمام تدفق المشاعر النبيلة, وفي داخلنا حنين إلى كل ما هو نبيل لو تأملنا, وما أكثر التبلد الذي تضفيه الأيام علينا لو سمحنا لها, وهل أستطيع الاعتراض على ما يكبت المشاعر؟

ننشغل أحيانا بالتفكير بأشخاص مروا في حياتنا هم يعنون لنا الكثير,وحتى في الرحيل يبقى لهم نفس الحظوة في نفوسنا, لكنهم يتغيرون ولا شك دون أن نتنبه لذلك,نعم هناك من لا يمر مرورا عابرا في حياتنا وتبقى همساته نابضة أبدا شئنا أم أبينا, حيث انه من الإنسانية أن نحاول أن نسعد بعضنا البعض بلحظات اللقاء الإنساني, لكي نصل إلى سكينة نحتاج إليها لابد من الاحتفاء دائما بكل ما مر بنا من لحظات أنيقة مهما تعتقت بعد حين, و يؤسفني اختلاط المفاهيم وقبولنا به, حيث الكثير من المفاهيم ربما تحتاج إلى التمعن في جدواها قبل فوات الأوان.

هناك الكثير الذي لم أكتبه أو أحكي عنه أو ربما لم أفكر به بعد, ربما تكون محاولاتي متأخرة, لا أعلم أن كان هنالك أسلوب للكتابة أتمكن من أن أجعل البعض يبدأ يومه بأمل جديد, وكما ذكرت أحس بالرهبة والخجل أن علمت أن البعض لا يقرأ ما أكتبه, طالما أرهقني هذياني المبعثر هنا وهناك, ولعل البعض يظن أن هذا سيحد مخيلتي ونسوا أنني الخيال نفسه, لنا أن نفخر بهذه الدهشة , دهشة الفكرة بكل عذوبتها وجرأتها , ولا غرابة فنحن نقرأ أكثر مما نكتب,هاهنا دعوة صارخة للإنصات فربما اعترفتْ العقول في فكرها بما هو أكثر وأكثر!


بدأت يومي لأجد أن معظم أزهار قلبي قد تعرت واسترخت في أحضان الوطن,ما أنبل أن لا يمضي يوم دون أن نشم عطر زهرة وان نزرع أخرى, يا ترى كيف هو عبق الزهور التي تزين القمم؟وهل يمكن أن نحلق نحوه لنعرف؟ ولسبب ما نرتبك أحيانا ونظن أننا لا نستحق أكثر من أجنحة متكسرة مع إن الغد الأفضل لا يقيده المدى,لطالما كرهت الحزن حيث أرهقتنا الآلام والدموع ,حقا نحتاج لأمل وابتسامة,نحتاج أن نرى غدا بلون الورد,أتمنى أن لا تشغلنا دوامات الحياة عن التوقف ولو لحظة للتنعم بعطره.

قناعتي في أن همومي ليست ذاتية ، إنما هي هموم الناس الطيبين والمهمّشين, تذكرني بقول العظيم جيفارا : ( إن أية صفعة تطال إنسانا في العالم ، أشعر أنها على وجهي, فالعلاقات الإنسانية النقية هي أجمل شيء،أحيانا نعجز عن التعبير بالمفردات عن عمق المشاعر الإنسانية المخلصة وانطباع جميل نتركه في قلب احدهم هو هبة كبيرة من السماء, فالإنسان لا يستطيع أن يتهرب من فطرته, فالإنسان أيضا بحاجة لغيره شاء أم أبى, هناك قرارات مصيرية علينا اتخاذها أحياناً ولكنها مع الأسف لا تصب دائماً في مصلحة كل من نعزهم, لا أعلم ما جدوى أن نقضي عمرا في المشاعر السلبية, هناك زخات من المشاعر الجياشة تنتابنا بين حين وآخر لتنقينا,والتي لا تخفت مهما حاولنا تجاهلها,من الضروري أن يخلص الإنسان في تثمين المشاعر النبيلة سواء كانت له أو لغيره,تتواصل المشاعر النبيلة بعذوبة رغم كل شيء,لقاء المشاعر النبيلة ربما يخفف كثيرا من الأعباء, كم هو مؤسف أن لا ندرك عمق ونبل مشاعرنا تجاه الآخرين إلا بعد فوات الأوان!

عندما أزور مركز تأهيل المعاقين, وأجد البعض منهم يشرق بالابتسام للحياة رغم عوقه الشديد, أخجل من نفسي التي أرهقها أحياناً بالإحساس بالجدوى, الروح دائما بحاجة إلى ترنيمات تنعشها, ربما إنها مسؤولية أن نسعى إلى السمو باللحظة إلى مواطن أرقى وأرفع من التفاصيل الجافة, وربما من الخطيئة أن نتردد في سقي وردة حتى لو كان لغيرنا,
لنبتعد عن التصحر الروحي والاجتماعي لنستمر لو شئنا, ما دامت القلوب قد التقت فعلا فلابد أن تلتقي المآقي لو شئنا أيضا! أليس كذلك؟! ويا أسفي على عمر عز فيه اللقاء.

فكرتُ قليلا وقلتُ متسائلة: هل يمكن لنا أن نزيح الأوشحة عن أرواحنا المجهدة لنتجدد, للروح آفاق مازلنا نجهلها حيث أرهقتني محاولة اكتشافها, لا أعلم هل سنتمكن يوما من تحرير الروح, لم أعرف بعد لغة أو مفردات كافية عن نبض الروح, فهناك لحظات تفرض علينا أن ندونها بمداد النبض, وهناك آهات لا تنسى مهما فات عليها الزمن, أحيانا لابد بالاغتسال بعبرات أحلامنا لنستمر مبتسمين,الوفاء لكل ما مر بنا من نقاء يمنحنا راحة نحتاج إليها,ولهذا أغفر للزمن كل متاعبه, ليس أمامنا أحيانا إلا أن نقبل ما لا يكون تغييره, حيث تعانق خطانا مرافئ عديدة ولكنها تتسرب غالبا دون وفاء حيث الوفاء النقاء كل منهما مكمل للأخر.

أحاول أن أدون مشاعري بوضوح قدر الإمكان وبدون متاهات لغوية, المشاعر الحميمة الصادقة تضئ الروح, وتأبى إلا أن تكون حرة وربما لا تستطيع خلاله أن تحجبه, فلغة المشاعر الدافئة هي واحدة أينما كان الإنسان.
بعد ساعة سيتلون المدى بنسمات فجر جديد, وأنا لم أتوقف عن الكتابة والتدريس منذ تقاعدي, وتستطيع أن تتخيل عدد المواقف الإنسانية والعبر التي تعلمتها من الناس ومن المقربين إلي , حيث المحبة والعطاء دون مقابل, وحيث يبارك الإنسان يوماَ آخر عاشه رغم كل ما يمكن أن ينهي رحلته, مهما تحدثت أو كتبت سأبقى ربما بعيدة عن روعة الروح والقلب ,ولكن لا بأس من أن أحاول التعبير عن بعض تلك الومضات, لأخلدها في ذاكرة البشرية المتعبة, ألا تتفق معي عندما تلامس كلماتي قلبك بكل هدوء يغادرني وهج الكلمات المبللة بالشوق حيث استفاقة بياض شفة الفجر,وحديث الليل طال فيه السهر والسمر، حيث تتوارى الأوجاع عن أحلامنا المحنطة في مساءات عمدت بماء الطهر, صورة ترتمي في أحضان الذات الطاهرة على إيقاع الزمان.

وأخيرا أيها الصوت العربي متى يحين موعد الفجر ونحن بلا أنين, وإن كانت أذناي تأبى وترفض أن لا تسمع في الفجر إلا صوت الآذان صوت الحق.

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى