الضيافة الإلهية
13/06/2017
السيد فاضل علوي آل درويش

ما أجمل ذلك التعبير البلاغي الذي أشار فيه رسول الله (ص) إلى المائدة الإلهية التي تضيف الصائمين القائمين ، و ما ينتظرهم من هبات سنية إن لزموا الورع و الخشية من الله ، إذ قال (ص) : هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله ...) .

إخبار يحمل دعما نفسيا للصائم و هي الالتفاتة الإلهية العظيمة لعباده و دعوتهم للنهل من خيرات الشهر الكريم ، فمن نحن و ما قدرنا حتى توجه لنا دعوة بالضيافة من جبار الجبارة إلى عباده ؟ فهل وعينا حقيقتها و الدور المناط بنا فيها ؟

لو تمعنا في معنى الضيافة الإلهية و استشعرنا مدلولها ، لكان له تأثير في مسار التزامنا بالقيم التربوية و الإيمانية التي يهبها الصيام ، فهذه الدعوة تستبطن الاستعداد و التهيؤ النفسي لها ، فمن أصر على ارتكاب المعاصي و أبدى الاستجابة الدائمة للشهوات دونما مدافعة ، فلن يستنشق عبير الورع الفواح و سيمرق من الشهر الفضيل بلا استثمار أو حصاد لثماره ، كما أن من تدثر بالتكاسل و الخمول و الغفلة و تلحف بها لن يستشعر دفء الطمأنينة بذكر الله ، فلنكن على مستوى تحمل المسئولية لهذه الضيافة من العظيم ، فالطهارة الروحية هي أولى الخطوات للاستفادة الحقيقية من هذا المضمار ، فنكون أصحاب وعي و نباهة و مسابقة للخيرات .

يكفي في يقظة النفس و حذرها من مزالق الأهواء و النزوات ، أن تستشعر المعية و الرقابة الإلهية الحاضرة معه في حركاته و سكناته ، فليس من اللائق و لا من الأدب أن يبدر منا من التصرفات المشينة و المعيبة بحضرة المعبود ، كما أن قضاء الوقت في اللهو و ترك محراب الطاعة و المناجاة و تدبر الآيات القرآنية ضرب من قلة الحياء ، فالإنسان الحكيم هو من يعرف مغزى هذا التودد الرباني لعباده العصاة المقصرين .

هذه الرحمة الإلهية تستحق منا التفكير بعواقب ما نقدم عليه ، و أن لا نتجرأ على ارتكاب حرمة الشهر الفضيل بما يسخط الباري و يصرف وجهه الكريم عن الصفح عنا .

و ليس هناك أفضل من بداية تصحيح من توبة نصوح عن الخطايا ، فنتخفف مما يثقل ظهورنا من ذنوب تسود صحائف أعمالنا ، و نغتسل بماء الاستغفار فنزيل عن قلوبنا أدران المعاصي التي تحرمنا من الألطاف الربانية المتعاظمة.


التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى