مناجاة الضمير.. غالية المحروس
18/06/2017

بنت القطيف : غالية المحروس

تؤرقني الكتابة جدا ولكني أحبها وأنا كلما هممت بالكتابة تفوح رائحة قهوتي وتقتحم مذاقي ويأتي زوجي أحيانا وقد احضر لي مشكورا كوب القهوة المتلازم مع طقوس الكتابة والقراءة ,احمل قلمي مما يزيدني حماسا لالتهام ورقي الأبيض مع الكتابة والبوح حد الوجع, أحاول أن أجعل الحرف أكثر توقا للسمو والجمال, ما دعاني لكتابة موضوعي هو الوضع المخجل ويا قلب لا تحزن فا الضمائر وعدت بوفائها وعدم خيانتها لأصحابها !


أكتب بحرية عما يؤلمني ليس لأني بلا أخلاق وليس لأني متحررة إلى درجة الابتذال, ولكن علينا أن نعرف حقيقة مؤلمة وهي إن الكتابة لا تعكس بالضرورة شخص الكاتب, ولأنني صريحة وجريئة أدبيا اعبر عما يختلج داخل صدري بصراحة مطلقة, أفتح قلبي دون خجل أو تردد وهكذا كسرت جليد الجرأة كما يبدو في شتى المواضيع.

البعض من يقرأ لي يعيش ويشعر بداخلي الغربة والحزن, ويتساءل هل هناك حزن أمتلئ به؟! أكتب بأوجاع هذا المجتمع فأنا أكتب للحياة ومن الحياة, ولا بد أن أنغمس هنا معكم وأتطلع لكل ما حولي فالموهبة لا تكفي. لا أكتب لمتعتي لشخصي ولكني أكتب لمجتمعي لأنه جزء مهما من كياني, ويجب أن أوليه اهتمامي الكبير. وقبل أن أبدأ موضوعي أقول للقطيف الحبيبة إنها ستبقى معشوقتي الأجمل والأغلى . تحضرني الآن جملة الفيلسوف الألماني نيتشه "إن لم أجد شيئا يقلقني فهذا يقلقني" وأنا بصدق مسألة الضمير تقلقني جدا ولا بد للجميع من مشاركتي هنا.


عفوا يا ضمير لاقتحامي عالمك لن أتجاوز الحدود معك فأنا لست من الذين يجاملون في الرأي وهذا أمر متعب جدا. اجلس أمام نفسي حائرة لا أعرف بماذا أبدأ ؟ أتمنى أن أصل إلى حالة الرضا و أن أمنح نفسي شيئا من خلال ما أكتب ! ونسيت أن ألقي تحية الصباح عليك أيها الضمير النائم ! نعم لقد نمت طويلا, إلى متى هذا السبات العميق؟!


لا أريد أن أفقد ما بداخلي إلى درجة تعجبي حد الاستخفاف والسخرية من هذه الفجوة الفجائية للضمير, وزاد عجبي عندما رأيت الصحوة كانت غائبة دون معرفتي سبب حجب ضميرها ! زاد جرحي وتعبت خطاي في هذا الزمن الذي ساد الفوضى والشغب مع ضياع الضمير والأمانة في ذمم القراصنة واللصوص! نعم

لصوص الضمير والمال والقلم! والضمير في زمننا الرديء هذا أصبح عملة نادرة حين طغت على الساحة عملات أخرى مزيفة.

يا إلهي هناك احتباس عاطفي في كل لحظة, وهكذا الكتابة هي ظلي الآخر والتي تخرجني من صمتي, رغم إننا نتحدث كثيرا ولا نسكت إلا قليلا فهل ندرك ذلك؟ أدرك إن الجرأة في الموضوع قد توجع العقل قبل القلب, و القراء قد اعتادوا على أسلوبي نوعا ما!! فأنا لا أحاول أن أحتال على القارئ لكوني أحترم ساحة الفكر والأدب والكتابة لأنها ساحة نبيلة والقراء نبلاء أيضا.

وجدت نفسي أتساءل كيف لا يمكن لإنسان أن يصل بضميره دون إرشاد؟! سأتوقف عند هذا التساؤل الآن لماذا لا نحاول تنظيف ضمائرنا ؟ ربما يكون تساؤلي ساذج ولكني أتعجب لماذا نعادي ضمائرنا بل ونبيعها؟ وهل هناك من يشتري الضمير يا لبشاعة الفكرة! أسأل نفسي ثانية مندهشة هل هناك أحد بلا ضمير؟ هل نشعر بعذاب وتأنيب الضمير؟ إلى متى سنظل نشعر بالذنب؟إلى متى سنبقى مكبلين بقيود الذنب؟ كيف تكون حياة الإنسان بلا ضمير أو كيف لنا نصل إلى دماره؟

تكمن محاسبة النفس في الخشوع وصدق الإيمان, ولهذا قبل خلودنا للنوم علينا بمنح أنفسنا وقتا للمحاسبة لتهون النفوس ويصبح كل شيء أبيض, ومن لا يحب اللون الأبيض وكأنه سحابة بيضاء رمز النقاء والصفاء والطهر والمطر, إنها سحابة من الضمير الحي. يا عالم أنا في انتظار صحوة الضمير! هل من يسمعني؟ و هل هناك من يسخر بطرحي وكأنه لا يريد أن يواجه الواقع؟ وإلى متى؟

إني خائفة يوما أن أخون ضميري, من أن أخطأ فأصطدم بواقع استحالت فيه تصحيح الأخطاء, وأنا خائفة من أن أصرخ وأقول آه, فالصراخ الآن لا ُيسمع ولو كان بأعلى صوتي, ولقد بحت أصواتنا من الصراخ! خائفة من أن أبكي على شعوري وإحساسي بالذنب !أصبحنا نخاف من تأنيب الضمير حتى من أنفسنا! اعتدت إلى مرحلة التأمل ونبش الأفكار مرة أخرى.

صدقوني والله لا أحبذ شراء نبتة صغيرة ووضعها في بيتي, لأني أخاف نسيان سقيها فتذبل وتموت بسببي ويوجعني ضميري! فأنا لا أرضى بوجع الضمير بأي شكل! هناك من يظن أن إحساسي مجرد إحساس ! ولأني نشأت بضمير حي يخاطبني دائما, فلدي وجع وجرح أعيشه عندما اشعر بغياب الضمير! وهذا ما أتمناه بعدم بقاء الضمير مكبلا بقيود الذنوب والخطايا, اعتبرها كارثة وفاجعة موت الضمائر لابد أن تحيا وتصحو! أين صاحب الضمير ليقوم بوخزه وإيقاظه؟

هل أجرؤ فأقول إن هذا الذنب وضع في الإنسان لكي يبحث عن ضميره الذي يحميه؟ نحن يا ضمير نعاني من الفوضى والشغب الإنساني, ونواجه انقراض الناس الشرفاء وأصحاب النزاهة والطهارة والعفة ولا عزاء للشرفاء. أعتذر منك يا ضمير إذا حكموا عليك بالإعدام ! أصرخ من قلبي ليصل صوتي للسماء, وأناشد لابد من إحياء الضمير وإنعاشه حتى لا يموت أو يتشوه, والعالم يئن من موت الضمير وفقدان القيم !وهل موت الضمائر ظاهرة؟!

و هنا سؤال آخر يطرح نفسه بنفسه ويحتاج لإجابة صادقة من الضمير للضمير! يا ترى هل مات الضمير؟ أين سأبحث عن من أخطأ في حقه لأجد عفوه ؟ كيف أنسى ذنوبي وخطاياي وهناك علام الغيوب؟ عن اليمين وعن اليسار قعيد يسجلان كل ذنب بل كل خطيئة لحظة بلحظة يا ربي عفوك!

لا أدري كيف أواجهك يا ربي وأنا أشعر ببعض الذنوب تجاه نفسي, واعيباه وأنا بصورة المذنبة, هل هذا كافي أن أناجي ربي قائلة أنا مذنب وماذا بعد؟ أين ضميري إلى متى نتباكى بفقدانه؟ أعتذر وإن بدت حروف بعض كلماتي ناقصة, لأني اكتب هذه اللحظة وأنا مغمضة العينين خجلة من ربي, يا لوقاحة بني آدم نركن ضمائرنا متى شئنا, وقد ننسى مواقعها ثم نبحث عنها وان وجدناها الوقت يدركنا الله اكبر ! ابحث عن وسيلة تجعل الضمير يلازم صاحبه لعلنا راجعون ونحن تائبون يا لله !

الضمائر قد ٌدفنت من زمان وبقيت حية بين طيات الكتب, التي تتحدث عن القيم والمبادئ والأخلاق, يا إلهي يؤلمني سماع دائما إن هناك أحد بلا ضمير وماذا بقي منه بلا شرف بلا نبل بلا قيم! بعد كل هذا ألا يزال هو إنسان؟ لا أتخيل ذلك! إلا إذا تصورت الخطيئة والسقوط , فأنا أتوجع عند سماعي من يبيع ذمته وضميره وإنسانيته من أجل المال أو الجاه! الفكرة نفسها بشعة وقبيحة نعم نحن نشوه أروع صفات الإنسانية.

هكذا نحن بنو آدم نتسابق على قتل وحرق ودفن الضمير بأثمان زهيدة لا ٌتذكر, اللهم أعوذ بك من أزمة الضمير, وكثيرا ما نسمع عن الآخرين يعانون من تأنيب الضمير, ولكنهم يرجعون لما فعلوه مرة أخرى وكأن شيئا لم يكن يا سبحان الله! مع هذا الجو أتخيل إننا نعيش في غابة موحشة بلا حياة بلا إنسانية, وأعذروني على هذا التشبيه الغير عادل ولكنه واقع, وإذا كان هناك تشبيه أفضل لديك فلا بأس من استعارته منك على أن أعيده لك لاحقا براءة لذمتي وضميري, وإلا ما جدوى قراءة موضوعي!

كيف لي أن أخسر وأفقد الكثير من أجل هفوة أو غفلة بل زلة!؟ لطفا يا ضمير لا أريدك أن تنام وإلا سأحتاج لمنبه أو جرس إنذار لإيقاظك! كيف لتلك القلوب الجامدة والضمائر النائمة؟ لماذا اختفت كلمات الحق؟! وكل كلمة تخرج من لسانك ستحاسب عليها يا إنسان! يوميا نسمع أن فلانا باع ضميره يا سبحان الله حتى في الضمير هناك مساومة ومراهنة؟! ماذا بقي لنا نحن البشر دون ضمير, عندما أصادر ضميري كيف أحيا حياتي وستكون دون شك مشوهة ناقصة خطيرة فيها الظلم والشر والفسق وكل صفات السلبية.

حائرة كيف لي أن أعرف بالضبط من أنا بلا ضمير؟!وكيف لي أن أتصالح معه دون انقطاع؟ أين صحوة ضمائرنا و مشكلتنا نوم وغياب الضمير, ومن الحماقة والسخافة أن نغامر بحياتنا ونحن ندرك الموت قريب جدا, لنتأمل ولو للحظة فالنفس الإنسانية الصادقة ليست لوامة ولا معصومة من الخطأ, قد تنتصر وقد يموت الضمير! لا زلنا نتذكر في لحظة ضعف قتل قابيل أخاه هابيل وأيضا ألقي يوسف عليه الصلاة والسلام في الجب من قبل إخوته! هكذا بني آدم مع فقدان الضمير وغيابه كل موازين العدالة خاطئة ومقلوبة .

رغم أن البعض يعتبروا وجود الضمير نوع من الترف يا سبحان الله! كيف أفسر ذلك وهناك أرق وقلق وضيق وتمزق و و و والواوات لا تنتهي ! كيف يكون ترفا ولا يمر يوم إلا ونسمع أو نقرأ أمطارا من أخبار السرقات والاختلاسات والقتل والافتراءات والظلم, التي تحدث حولنا تزيد من اشمئزازنا و نحن فقط نرفس ونركل ضمائرنا ! يا لحماقة البشر! أكرر أين الضمير يا بشر؟! ليصل صوتي للسماء و لتصل استغاثتي للضمائر الغافلة لعلها تستجيب النداء! وقد تسألوني ما هو الضمير يا ترى؟؟ أدرك إن الضمير اليوم دون هوية وأيضا مرضا خفيا! أعتذر من القراء لا زال في داخلي اضطراب خوف صراع, كيف اشعر ببعض التجاوزات ماذا أفعل وهذه مشاعري, حتى النجوم خجلة يرتعش ضوئها البعيد, آه ما أقبح المعاصي والذنوب وما أشد مرارتها !

لقد خلقنا الله على البراءة المتأصلة في نفوسنا وعلى الطهر والنقاء, والتي لوثت قلوبنا وقتلت ضمائرنا هي الأخطاء, الضمير لا يمنع من ارتكاب الأخطاء إنه فقط يحرمنا الاستمتاع به وبأي ضمير يقبض ثمن خيانته؟ّ! أين عدالة الضمير؟! وهاأنا مجددا أسأل سؤالا جريئا جديا لنفسي ولكل من يقرأني في زمن العرب والمسلمين, انه سؤال بسيط للغاية ما هو الضمير ؟ وهل هو موجود؟ هل تعتقد يستحق ضمير العرب الإعراب لأنه دائما غائب ولا محل له من الإعراب !وبعد المخاض العسير الذي مزقني لفترة لا و لن تجد الإجابة في كتب النحو كما يبدو لك, ولكن لنستصرخ الضمير الإنساني لعلنا نصل إلى صوت الحق لعله يعينك للوصول إلى جنة الخلد, يا لله يا كريم نسألكم الدعاء.

لنكون مع الله ولن نفقد شيئا بل أنا مثلا لا أنحني لأرفع شيئا قد سقط من نظري, وهناك رذيلة ونفاق ولأن البعض يدرك إن هناك عالم بلا ضمير بلا خوف, أقول كفى يا ناس حتى السماء والأرض يشهدوا على ذلك! ما أروع الحياة مع الله فيها سعادة الدنيا ونعيم الآخرة, والأجمل الجنة الحقيقية حلمي, وأنا أتذكر الجنة ترتعد أوصال جسمي و يرجف بدني وبتصبب عرقي, ويمر شريط الذكريات أمامي بسرعة تقوى الله, وأنا أقول يا لله بالجنة يا لله لي ومن يقرأني , وما أروع الشعور بالاطمئنان النفسي ويا متعة عبادة الله وطاعته ومناجاته, الله ربي وحبيبي لا شريك له أنت في قلبي وضميري, ودائما يهتف فؤادي بذكرك يا لله الذي يشدني إلى السماء حيث الملائكة والرسل والصالحين .

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى