أكرم نفسك عن كل دنية
4/01/2017
 

أكرم نفسك عن كل دنية - السيد فاضل علوي

إكرام النفس عما يوجب المذمة و الانتقاص و ترفعها عن أسباب المهانة و الإذلال هو عنوان الرفعة و السمو في الشخصية الإنسانية و عنوان التمسك بالقيم الجوهرية النابضة بالكرامة و هي المثال المعنوي لطهارة النفس من دنس أسر الشهوات و ارتكاب الموبقات و قبائح الأفعال .

فانظر إلى المرء عندما يمر بوحل تجمعت فيه القاذورات و الأوساخ تراه حريصا على رفع ثوبه لئلا يصيبه شيء منها و هكذا ينبغي أن تكون رؤيته البصيرية لرذائل الأمور و مستقبح الأفعال بالحرص على تجنبها أو الوقوع في أحضانها .

و كرامة النفس تنبيء عن شخصية قوية تتمتع بنفاذ الفكر و رشده و قدرة على ضبط النفس أمام المشتهيات فلا يقع ذليلا أمام نزوة ساعة تعقبها حسرات و ندامة على ما فعل .

و ضعف النفس أمام المغريات و أسباب القوة المالية و الوجاهتية يقدم لنا نماذج من الشخصيات الممتهنة و المستعدة لوضع ضمائرها على دكة المزاد فيخلع عنه رداء القيم و المصداقية و احترام القوانين و يستعيض عنها بالوضاعة و الانتهازية و البحث عن المصالح في قمامة الأغنياء المتنفذين فيغدو كلبا يبحث عن لحمة يمضغها أنى وجدها و لا يخجل من نفسه لما يفعله و يقدمه من نموذج سيء فيمارس النفاق و التذلل لأصحاب الثروات و المناصب فلم يعد عنده من نقطة حياء تحجزه عن إذلال نفسه و لا يأبه أبدا بما يقال عنه من توصيف مسيء له .

كريم النفس يثبت مصداقيته من وضوح المواقف و الكلمات المرتكزة على القيم و الأخلاق الرفيعة التي يتعامل بها كما أن ضميره الحي لا يحتمل أي تعامل ماكر أو خداع الناس فكرامة نفسه لا تسمح له أي كلام أو فعل يستوجب الإهانة أو احتقار الآخرين له للؤمه أو تلونه و كذبه فمعيار الثقة و حسن الظن يبتني وفق ما يصدر من المرء من تصرفات أثبتت مصداقيته و وضوحه و هذا ما يعمل على تثبيت قواعده .

من هم أصحاب السلطة و الوجاهة لا يمكنهم ضمائر الأحرار ممن تخلصوا من ذل الطمع و الحرص و حب المال فكريم النفس و إن كان فقيرا لا يسحره بريق الدينار و لا يستخفه المناصب العالية فالقناعة تملأ عينيه و تحفظ اتزانه .

كما أنه لا يحمل ذرة كبر في نفسه تجاه من يفتقرون لشيء مما يتمتع به من قدرات و إمكانيات معنوية و مادية فمقياس التفاضل و التمايز هو عامل الرقي الأخلاقي و المنظومة القيمية التي يتحلى بها الفرد و لا شيء آخر .

الحياة الزائلة عند كريم النفس لا تستحق منه أن يذل نفسه تحت سطوة المطامع و الجشع و ارتكاب الموبقات أو أن يذل نفسه لأمور تافهة تسلبه أغلى ما يملك و هو وقته الثمين .


التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى