المشروع الحضاري العلمي للإمام الصادق (ع)
21/07/2017
السيد فاضل علوي آل درويش

لقد شكلت مدرسة الإمام الصادق (ع) الزاخرة بتلامذتها النجباء و المعارف الواسعة و المشتملة لجوانب مهمة من حقول العلم ، منارة مضيئة و قامة شامخة في تاريخ المعرفة البشري ، لما كان عليه الإمام من حسن اقتناص الفرصة لنشر علوم أهل البيت و بثها في فكر و وجدان الناس التواقة و المحبة لخط الهداية و التنوير الفكري و المعرفة الحقة .

فقد كان التراخي الأمني و ضعف السلطة في أواخرها في الجانب الأموي ، و بواكيرها الهشة في الجانب العباسي ، عاملا مهما في رفع الضيق و الملاحقة و المتابعة الأمنية الدقيقة عن مرتادي مجلس الإمام العلمي ، مما أنتج انثيالا سيالا و حضورا واسعا من العلماء و محبي العلم في مجلس الإمام و تحت منبره ، دونما أي خوف من الملاحقة و التنكيل .

و تحت طائلة التحقيق و التدقيق يمكننا أن نقول بأن الإمام الصادق ملأ الدنيا بمعارف أهل البيت في شتى العلوم ، و تبلورت على يديه معالم التخصص في حقول العلم تماما كما اليوم في جانب الدراسات الحوزوية و الأكاديمية ، فهناك معارف و مفاتيح معلوماتية عامة تفتح الأفق الفكري للطالب و توسع مداركه العقلية ، و بعد نضوج و رسوخ تلك المعارف يلج في التخصص الذي يحكم جوانبه ، مما يتيح إنتاج المؤلفات القيمة و العقول الراقية و المتألقة في أطروحاتها و مباحثاتها ، و لا أدل على ذلك من شيء كتلك المناظرات و الحوارارت الهادفة و المثمرة التي يعقدها تلامذة الإمام الصادق مع عمالقة الفكر الديني و الكلامي و الفلسفي .

وأمام تللك التيارات الفكرية و العقائدية و الكلامية المنحرفة ، و التي أدت إلى اعتناق الزندقة و الإلحاد عقيدة ، و الهرطقة و المماحكات و الإسفاف فكرا و منهجا ، فلم يكن لها من مانع و سد يوقف هجومها الواسع إلا مدرسة الإمام الصادق ، و انبراء طلبته و تحملهم مسئولية تبليغ العلم و نشره بتصديهم للأفكار و الأطروحات المنحرفة ، بمنهج علمي وازن يستند على قاعدة دليلية و برهانية صلبة ، لا تدع للأهواء و الفكر العاطفي الواهن و الكلمة النخرة أي وجود مطلقا ، و تدحض كل الافتراءات و التوجهات المنحرفة .

و ما تنعم به الأجيال المتلاحقة من تنوير ثقافي و أفق فكري رزين و خط هداية عملاق يخلو من الشوائب و الشبهات و ساقطات الانحراف و الضلال ، هو ببركة جهود الإمام الصادق و تلامذته النجباء الذين نذروا أنفسهم لإنشاء المدرسة العلمية المتكفلة بالرشد و الوعي الإنساني القادر على مواكبة حاجات و متطلبات الناس الفكرية و العلمية القائمة على المحجة البيضاء ، و يكفي الناقد المنصف و المفكر الأريب للدلالة على سعة و شمولية و تميز مدرسة الإمام الصادق الناصعة في حقائقها ، أن يطلع على تلك الحوارات و المناظرات التي خاضها الإمام أو تلامذته الفطاحل ، و التي أسفرت عن نتائج علمية رائعة أرست معالم الاستقامة و الرقي في العلوم .



 
التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى