دعوة إلى الاسترخاء..بقلم غالية المحروس
27/07/2017
غالية محروس المحروس 

قد يكون العنوان الذي وضعته لمقالي قريبا مما يصنعه أهل الصحافة, غير إنني أجد نفسي مضطرة لذلك, حينما أحاول الاقتراب من فكري أصاب بضرب من الدوار وأنا أتزحلق من سطر إلى سطر, باحثة عن إحساسي ليصل للقارئ وما يتبع ذلك من قيم ورؤى, وقد يصيب القارئ بدوار سريع ولا يعود إلى مقالي إلا مضطرا, ولعله يشعر بهلوسة غريبة لا يعرف معها أيتابع السير مع ما يقرأ أم يتوقف, ليتفقد إحساسه قبل أن يضيع من يديه, من خلال كتاباتي أحاول أن أدس بصورة غير مباشرة تارة, وفي الصميم تارة أخرى أمزج فيه السم بالعسل, وأنت لست معنيا هنا كقارئ هناك كلمات نائمة تحت سطوري, مخفية والتي لم يتم البوح بها, وكل كاتب حر فيما يكتب فلا أنت ولا أنا ولا الغير يجبر صاحب القلم أن يضع معنى على هواه, وليثق القارئ إن لا أحد بإمكانه أن ينال من الشمس ولا حتى بألف جدار.

ما دمت إحدى بنات مدينتي الحبيبة القطيف فلن أبالغ عندما أتمعن في صورتي فأرى وجهي بلون أرض القطيف, وصدقا أنا أعشق كل ما فيها ما عدا التجاوزات والخطايا, ولن أخفيكم سرا كلما اضطررت أن أتوجع أو أحزن لظرف ما على أرضها, يتوقف نبض الحب عندي فتسقط الكلمات من يدي لتفترش ورودا ورياحين, ولن أتعجب لو طارت من فكري حمامات السماء البيضاء, أحاول أن تكون صباحاتنا بيضاء كالحمام ومشرقة بنور الشمس, وهناك نص قديم قد لا يروق للبعض أو لا يدرك البعض الآخر مغزاه: إن الحديد وإن أصبح أحمر اللون فليس الحمرة لونه وما شعاعه إلا من نار تصليه, ليخلو هذا الكون من الخطايا, اعتذر حيث لغتي حرة بقدر حرية الطيور.

أتعجب من تعجب القارئ لمقالاتي الأخيرة والتي توحي بالوجع وبتعليق من البعض بأنها أقوى مقالاتي, و لكني لست معك أيها القارئ حيث كل عمل ولد وصنع في وقته وكنت مقتنعة به حسيا وفكريا وجماليا, فكل مقال جديد أكتبه مسلحا بالتجارب السابقة لا مكبلا بها, وهنا لا مجال للمقارنة أبدا حتى لا أبخس حق قلمي ولا بحق المقال نفسه, حيث الصدق ملح الإنسانية وعطرها المبثوث في الفضاء, ولن يدوم الظلام لابد أن ينقشع, وما ضاع لابد أن يُجنى ثانية, طالما القلم نزيه والإرادة موجودة والقلب ينبض بالحب والصدق, فلا يحتاج احدنا إلى ذكاء خارق كي يصل إلى ذاك الوجع, حيث الوجع قد حمل أجفاني على التطهر بدموع الدهشة فلا يتعجب القارئ من هكذا أنين حتما بني البشر يأخذوا مساحة الوجع حتى زواله والحمد لله قد زال, وليس من شيء بالانتظار أكثر من الانتظار.

مقالتي هذه كغيرها صادقة و التي تزخر بالإحساس أيضا, ولن أقول عن نفسي قديسة "حاشا لله" ولن يقول أحدنا للشيء كن فيكون’ ولكن أفسح المجال للقارئ ومن زاوية كشف بعض الأمور للبعض,حيث إن لي ألواني واعرف كيف اقبض على الضوء وارسم بين الصدق والكذب وما بينهما الضمير, أي لن أحاول أن اخبأ خطايا البعض في دهشة الليل, ومن المعيب أن لا انوه عن ذلك, حين يكون للجرح شفتين تعتصر الكلمات لتبوح بألم صادق , لقد صممت طويلا وأقسمت حينها برأسي الذي لن تلمسه نار جهنم, أن لا أتأثر أكثر وأقول للجرح والوجع وداعا وقد فعلت, نعم تخيلت نفسي طيرا لأغادر أوجاعي وهكذا صار فانا هنا أدعو للاسترخاء, حيث نهاري يتناثر هنا وهناك, أما أنت لك مني انحناءة وتصفيق فلقد وصلنا معا إلى أعماق الوعي الإنساني.

هناك مثل ياباني يقول: الإنسان الناجح هو الذي يغلق فمه قبل أن يغلق الناس آذانهم, كثرت الأحاديث حول مغزى مقالاتي الأخيرة أعرف جيدا من يطلق بعض الشائعات من هنا وهناك والتي اعتبرها كلام المقاهي, وتناهى إلى سمعي أيضا بعض التصورات الوهمية, فأنا لا أريد هنا أن أتحدث عن الأقلام الجافة أو الحبر الباهت, بل سأتحدث بقلمي الشريف, أهل القطيف أهلي ولا يطيب لي إلا ماء القطيف, والأجمل لا ينام الحقد في قلبي ولا أكره من آذاني أو أخطأ في حقي.

يزدحم سوق الحياة هذه الأيام بالبضائع المغشوشة, إنها ليست تهمة وليس من باب التشاؤم, ولكن من جانب آخر فرصة لكي نميز بين الأبيض والأسود, في هذا السوق تألق البعض في الكذب والتلفيق, ولمعت مهارات قد تصلح وتنفع لنهايات مثيرة, ما أخجلني يا لسخرية البعض فأنا في زمن مندثر لم تصل الأخلاق لأيامه , وعزائي إنه تكمن سعادتي في سجودي, وسأكرر دائما جميل أن يظل الإنسان متمسكا بأخلاقيات ومبادئي تربى عليها, في زمن اختلفت فيه كل المعايير, وطالما أحلم بجانبي إنسان واحد يحمل النقاء والصدق لي في عينيه, فأنا أكون من المحظوظين, وهذا يقابل بعض من يتمتع بشجاعة وتضحية في كل شيء باستثناء نقطة الحياء, لقد ضاع منا في هذا السوق الماء والحياء, وتناقلت أقاويل وشائعات دون تمييز الحقيقة من الخيال, والبعض يسٌوق ويتصرف ويكذب بعفوية ثم ينام على وسادته دون أرق أو قلق, وهناك من يرخص لي بالصمت الذي هو أبشع أسم للتواطؤ مع الخطأ, وهؤلاء هم بشر لا يفرقون بين الحزم والجزم.

أدرك أحيانا إن النحلة تلسع الحصان الأصيل, وهذا ما حدث لي وما كان يحتسب على تلك المفارقات, يبدو إننا نركض ضد الريح وكأن ماراثون المطاردة قد بدأ, لندع كل عصفور في عشه وننطلق إلى فضاءنا, فالسماء كفيلة برد الطيور إلى أعشاشها حين سقوط المطر, وأنا أتخيل نفسي كعصفورة أختبئ بين الأغصان دون خوف. لنعتذر فالاعتذار من نسجت له خيوط الود كحبات اللؤلؤ الجميل, حيث أراك في قمة الروعة والصدق وأراك رائع في كل شيء, وأرى فيك كل الأخلاق ولكن أين الاعتذار وكأنك لم ترتكب خطئا, ولكني أعتذر إن قلت شيئا أو تماديت قليلا, أصبحت الأخلاق دواء والبعض يعتبر ذلك داء ولا أظن إن الشمس سينتهي ضوئها يوما, وكما نعلم للطيور مواسم هجرة لكنها حتما عائدة بريش جديد.

إن العطاء والوفاء والنقاء لمن نحب في أحيان كثيرة, قد يورثنا الخجل إلا أن اغلب عادات الخجل التي زرعها مجتمعنا فينا, كانت غالبا بطابع استعباد إكراما لسحق هاماتنا, تعلمنا أن نخجل كثيرا وتعودنا أن نخجل أكثر دون سبب, لم أرى في كل الدول التي زرتها ثقافة الانتهازية والابتزاز التي يمارسها البعض هنا بمحاولة النيل من كرامة البعض, ولكن سوف نستمر على العطاء فالقطيف لا يزال رحمها منتجا وخصبا, ودائما ما ننسى الأثر الكارثي العميق الذي يتركه البعض بنزاهة أصحاب النزاهة وكفانا مزايدات.

لقد نزفت كثيرا من بحر كلماتي وأطمح أن تكون كتابتي همسا طلبا للاسترخاء , ومن خلال ذلك نرتقي بإنسانيتنا ومبادئنا دون جرح الغير, و لعل الجميع يدرك إن النجوم هي الأبدية في السماء ولا يقدر الضوء إلا أن يكون ضوء, إلى كل نخلة شامخة بالقطيف أهمس:حان الأوان لتطبيق المبادئ وتنفيذ الحب ولإعطاء كل ذي حق حقه, ارتأيت تقديم هذا الإقتراح البسيط, أرجوا أن تسقط هذه الكلمات بردا وسلاما على كل القراء الشرفاء.

يبدو إنني قد أثقلت عليك سأدعك أن تستعد لصلاة الفجر ولأنهي مقالي فقد أوشك الفجر أن ينفجر, لطفا احتفظ بكوب قهوتك يا عزيزي القارئ ريثما اطل عليك لأضع فيه بعض نبضات قلبي إهداء لك.

أترقب مرورك هنا وكلما رأيت ابتسامتك السمراء أضاء نصي في عيوني.

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى