أعلم بالأمر .. ولن أغير مسار رحلتي
30/01/2019
بث الواحة: متابعات
بقلم الفنان التشكيلي: محمد المصلي

بعد أن عزمت على المشاركة في معرض يقام في بيروت وكانت المصادفة أن حجزت لي في الخطوط الجوية اللبنانية المسمى خطوط الشرق الأوسط العريقة وهي أول مرة استقلها.

ولأني في عجلة وبعض التوتر لكثرة سفرياتي هذه السنة ولأنه مطلوب مني إقامة محاضرة فنية مع المشاركة في الملتقى عشتار العالمي فلم أحفل باسم الخطوط ولم ينشغل بالي إلا عندما استقر بي المطاف وأنا في كرسي المطار أنتظر الرحلة وأنظر في بطاقة المقعد أتحرى الكلمات الانجليزية المكتوبة فيها كالتاريخ والبوابة وغيرها إذ وقعت عيني على (رقم الرحلة المميز وهو ٤٤٣ ). واستذكرت تلك الرحلة التي قام بها العم أحمد عيسى المصلي القادم من تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية مارا بلبنان على متن طيران خطوط الشرق الأوسط إلى الظهران والعجيب في الأمر هو (رقم رحلته ٤٤٤ ) وكان العم أحمد أحد الرجالات المرموقين ويعد من أفضل الشخصيات في البلد لثقافته وحضوره في المشاركة في خدمات المنطقة والمجتمع ونشرت عنه بعض المجلات وتميزه بوسامته بتلك البذلة الأنيقة وخاصة عندما ودعناه في مطار الظهران سنة ١٩٦٤م ويعتبر من أوائل المبتعثين للدراس في بيروت ثم في أمريكا والذي أحتفظ بوثائق كثيرة في متحفي وقمت بتأليف كتيب عن حياته ومراسلاته ومعظم صوره حتى آخر صورتين له في أمريكا مع أصدقائه.

ولم أذكر تلك الأمور لأحد لألا يخرب علي رحلتي أو يصيبه التشاؤم الذي لم يعد من ثقافتي إلا عندما هبطت الطائرة بسلام وقال ربان الطائرة:- (الحمد لله على سلامة الوصول لقد هبطت الطائرة إلى مطار الحريري ببيروت … …) وأتَمَّ كلامه بالتعليمات المعروفة.

وكان بجواري لبنانيان يحتسيان الشراب وكانت أخلاقهم رائعة وكنا نتجاذب الأحاديث بكل أريحية ولطافة.

فقد أحببت أن أروي لهم أن عمي قبل ٥٦ سنة قادم من بيروت إلى الظهران وسقطت الطائرة وتوفي كل الركاب نظرا إليّ برِقّةٍ وحنان وأحدهم همس بخجل - الله يرحمو.

فقلت هل تعلمان أن (رقم الرحلة هو ٤٤٤). ورحلتنا على نفس الخطوط اللبنانية هي ٤٤٣ وهذه أول مرة أستقل فيها خطوط الشرق الأوسط فوجما وفتحا أفواههما مستغربين ومستنكرين ثم مستعجبين أني أعلم بالأمر ولم أغيّر شيء من مسار (رحلتي ٤٤٣ ).

 
التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى