قصة قصيرة (نايِم على مَرتَبَتي)
7/07/2019
الفنان التشكيلي محمد المصلي
خ ٢٠/ ١١/ ١٤٣٩هـ . مطار هثرو لندن

بكل حماسته المعهودة في قضاياه التي لا تنتهي ورِفقَتِه التي لا تَتْرُك له فجْوة إلاّ ويعلّقون على الحوادث الطريفة والعجيبة والمضحكة فهو صاحب أسلوب في السرد … لبق… وشيِّق… لأنه بطريقة قديمة وشعبية خاصة إذا كانت الكلمات لها معاني متعددة وأوصاف متشابهه.

ومن طرائفه أنه بعد زيارة مطويّة بالأقدار والويلات.
جاء ليحدِّث أصحابه عن رحلته الميمونة التي تكَلْكَلَت بالهرج والمرج والفشل مُستنكرا !ومُتعاظما ! ما آل إليه مستقبله الغامض.

وأخذ يسرد الأحداث التي سافر من أجلها مع ما لَمْلَمَهُ من وقت وجهد وسيارته التي لا تسير إلا المسافات القصيرة. وهو من الموظفين الذين قطعوا مُدَدًا طويلة بدون تَرقِيات ولا زيادات حتى أصابهم اليأس والضَّنَك.

وبكل حماسة المظلوم والمضطهد في عمله بعد تلك السنون والأعوام التي قضاها متواصلا بكل ملل وضجر .

قائلا: وبعد أن وصلت إلى المبنى أردت الدخول على المسؤول فسألني الحارس هل عندك موعد .... رديت: ولكن الأمر ملح والمسألة مهمة لمقابلة الرئيس الكبير وبعد أن أقنعتُهُ بضرورة القضية وجهود مضنية استطعت أن أصِل إلى سكرتير المدير وأجلسني مدة ليست بالقصيرة ورضخت للتعطيل عسى أن تجود مهامي بالنجاح وما أن انفتح باب المدير حتى استبشرت خيرا ورحت منطلقا للدخول ولكن السكرتير أوقفني وأجلسني ثانية حتى يدخل البريد على المدير فهي من مهامه المحسوبة في الجدول وليس أنا الذي زَمَّقْتُ على المدير والقادم بدون موعد مسبق ولا جدول مُحَدَّد.

وبعد مدة وأنا …أنتظر … وأنظر لكل زاوية عسى الزمن يمشي وتتحرك عقارب الساعة وما أن خرج السكرتير بالموافقة المبدئية على استقبالي حسبت النصر حليفي للدخول والحماس يسبقني كي أقول بملىء فمي وحرارة أنفاسي لكي أكون مقنعا في مسعاي وأرجع بالقبول والجائزة الكبرى.

فما أن سلمت على المدير ورَدَّ علي التحية باستغراب لهذه الأشخاص التي لم يراها من مدة والذي يعرف أنني من قدماء هذه المصلحة والوجوه التي أخذ منها الزمن مأخذه فرحب بي وسأل عن سبب مجيئي فتوجهت إليه وقلت له ( أنا من عشرين سنة نايم على مرتبتي) وهو يقصد المرتبه أي الرُّتبة في العمل وقصده نائم أي واقف عن الترقية القديمة كأنه في حالة نوم.

ولكن أصحابه لم يتماسكوا من الضحك الذين لا يتركوا له شاردة ولا واردة فأحاديثه الشَّيِّقَة سِلْوَتَهم.

وقالوا له وماذا تريد الآن ؟ قال: (أريد مرتبة جديدة) فزاد الضحك وقالوا له ألا يكفيك النوم ٢٠ سنة؟ أتريد مرتبة كي تنام ٢٠ سنة أخرى؟ فما استفادت منك هذه الدائرة فما كان منه إلا أن انتبه لتعابيره الشعبية محاولا تصحيحها واستكمال هذه القصة المشؤومة فما كفى مشواره الذي باء بالفشل حتى قصته التي لم يستطع إكمالها وسارت بها الركبان لمن قضى وقت طويل في مستوى أو لم يستفد منه فيُقال له (نام على مرتبتك).


 
التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى