لاحظ فنجانك !...أ/ كمال بن علي آل محسن
24/08/2019

يا له من مقهًى ساحرٍ خلّاب !
يُشعرني بلذةِ الهدوءِ الشاطئي الفيروزي ، الذي يصاحبه صوت رشفاتي لفنجاني الذي يحوي مشروبي المفضل ، ويمتلك شفرة مزاجي الحالم . 

يقدم لي نادل المقهى - بكل بشاشة ولباقة وكياسة - ذلك الفنجان المختار بعناية من قِبَلِي ، بعدَ أنْ ملأَهُ بكلِّ حِرَفِيَّةٍ بما أحبُّ وأهوى ، وبعد أنْ أخذَ الإذنَ مني لملْءِ ذلك الفنجان . 

إصراري وتصميمي على ألا يملأ النادلُ فنجاني إلا بما أرغبُ وأريد ، واهتمامي وحرصي الشديد على ألا يعكر صفو حالتي المزاجيةِ الإيجابية ملءَ كوبٍ صغير - ربما - يؤثر على متعتي وسعادتي إن أنا شربته ، كل ذلك يؤدي لأن يتكون في أعماقي استفسار منطقي يخالطه الاستغراب والتعجب والذهول !!
إذا كنت أدقق كل هذا التدقيق ، وأمحص كل ذلك التمحيص على أمر بسيط يسير كهذا ؛ خوفا على مشاعري وأحاسيسي من أن تُخدش أو تتأثر ، فكيف أسمح - وبكل سهولة - لأحدٍ أو لحدثٍ أو لشيءٍ ما مهما كان أن يملأ فنجاني بأحاسيس ومشاعر سلبية لا أحبها ، فتتراكم بداخلي وتسيطر على سلوكاتي وتصرفاتي ، ثم توجهها وتديرها بطريقة تجعل حياتي رهينة ردات فعل غير محسوبة العواقب قد تبدر مني تجاه أي موقف يحدث لي ، وتكون نتائجها خسائر كبيرة ومن العيار الثقيل والتي قد لا يمكن تحملها ، ولا تكون المبررات التي دعتني لتلك الأقوال أو الأفعال كافية ؛ حتى أقنع بها نفسي فضلا عن الآخرين .

 إنني وبكل بساطة وافقت وبمحض إرادتي أن يمتلئ فنجاني فقط بالأحاسيس السلبية حتى طفحت وفاضت ، وأصبحت خارج نطاق سيطرتي ، ليس هذا فحسب ، بل انتقل أثرها سلبا ليشمل مساحات أكبر مني وهم الناس من حولي . 

الإنسان هو وعاء كبير تدور بداخله مجموعة من المشاعر المتدفقة التي تتأثر طلوعا ونزولا بسبب الأشياء والأحداث والناس ، والمشاعر هي وقود الإنسان ولا يعمل العقل إلا بهذا الوقود ، يأتي بعدها السلوك ، وبعد السلوك تأتي النتائج ، فعليك أن تملأ فنجانك بالمشاعر الإيجابية وبما يسعدك ويرضيك ، وأن تسيطر على مشاعرك السلبية التي ستقع حتما - شئت أم أبيت - وستبدأ بملء الفنجان كما تفعل المشاعر الإيجابية مع اختلاف الأثر ، فاجعلها وبكل ثبات وعزم وعدم تسويف في نطاق المعقول وفِي حدود تحملك لها ، مع محاولة التخلص منها والقضاء عليها وعلى آثارها أولا بأول ، حتى لا تتراكم وينتج عنها فيضانا يُغرق الجميع بما فيهم أنت ، وإني لأظنك الخاسر الأكبر في كل ما سيحدث !
المشاعر الإيجابية والسلبية كإفراغ الفنجان وامتلائه ، فإن حدث أمر إيجابي يفرغ الفنجان ، وإن حصل موقف سلبي يمتلئ الفنجان ، وهذا واقع طبيعي نعيشه ولا بد لنا أن نتقبله ، ولكن التقبل لا يعني أبدا الاستسلام وترك الحلول ، فالإنسان الحصيف هو من يعرف كيف يتعامل مع هذا الواقع ، وكيف يتخلص - بسرعة ودون تأجيل أو مطاولة - من الأحاسيس السلبية ، أو على الأقل يبقيها في مستوى السيطرة ، مع زيادة جرعات الأحاسيس الإيجابية ، وكل ذلك من أجل أن يعيش حالة من التوازن في سلوكه وتصرفاته ، ويستطيع أن يحقق أهدافه وطموحاته التي رسمها على الأوراق ، فتحولت بعد رحلة طويلة إلى إنجازات ونجاحات . 

كل فنجان له سعة معينة لملئه ، فإما أن نستسلم بترك الفنجان يفوض ويخرب كل شيء، أو أن نشرب منه لنستمتع به ، وليسهل علينا حمله عندما نتعرض لأي موقف . 

وفِي الختام هذه هدية في صندوق ممتلئ بعبارة إيجابية نمنحك إياها ؛ لتكون شعارا لك في حياتك :
حياتي رائعة وجميلة ، ولن يستطيع أحد أن يؤثر علي أو يغير حالتي الإيجابية !



التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى