جمال العطاء
11/03/2017
السيد فاضل علوي آل درويش

العطاء و قضاء حوائج الغير و مساندتهم ليس بسلعة تبادل تنتظر عليها ثمنا أيها الطالب للعلى و الكمال ، بل هي صبغة نورانية تزين بها ثنايا كلماتك و تصرفاتك ، فيتجلى منها الإحساس بآلام و حاجات الآخرين فلا يبخل بشيء من وقته و جهده للتخفيف من وطأتها على النفوس المتعبة ، و من أهم مصادر سعادته و سروره أن يبسلم جراح أحدهم بما استطاع إلى ذلك ، بخلاف ذلك الفرد الأناني الذي لا تحركه إلا مصالحه الضيقة ، فهو غير مستعد مطلقا أن يستمع أو يهتم لمعاناة من حوله ، فهذا شأنهم الخاص و عليهم أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم ، و بعيدا عن طلب أي شكل من أشكال المساعدة منه أو من غيره ، و يا للعجب من هرعه لطلب النجدة إن احتاج !!!

الشخص المعطاء لا ينتظر رد الجميل و رد معروفه بأي شكر أو قضاء حاجة قبالة ما قدمه ، فحبه للعطاء ذاتي كالشمس المشرقة تهب أنوارها الساطعة على جميع أرجاء البسيطة ، فقلبه النقي لا يحمل للآخرين إلا مشاعر الحب و الاحترام بغض النظر عن هويته الدينية أو الثقافية ، فينطلق في حركة علاقاته بالآخرين من بعد الإحسان و التعامل وفق القيم الأخلاقية الرفيعة ، و التي تجرم الإساءة و الشح في المشاعر أو قبض النفس و اليد عن معالجة مشكلة يمر بها من قصده للمساعدة ، بل أكثر من ذلك في عطائه عندما يصل لدرجة عالية من محبوبية العطاء ، تراه يتحسس و يسأل عن أحوال من حوله و لا ينتظر من أحد محتاج أن يقصده .

و جمال العطاء و الأنس النفسي بالانضواء تحت مظلته بنحو خالص لا يرتجي منه بذلا أو مماثلة في الإحسان ، لا ينعم به كل أحد بل تلك النفوس الراقية و المتألقة في فضاء الفضيلة و التكامل هي من تتنفس عبيره فقط ، فتجد في قبالة أهل العطاء من نخر نفوسهم قلة الوفاء و اللؤم و مقابلة الإحسان بالتجاهل و الإساءة لمن أعانهم ، فنكران الجميل سمة لمن تربى على الانتهازية و التصنع و التلون ساعة حاجته ، و ما إن تنقضي حتى ينزع قناع الطيبة و الحملية الوديعة ؛ ليكشف عن نرجسية بغيضة لا تعرف شيئا اسمه الشكر و العرفان .



 
التعليقات 1
إضافة تعليق
مواضيع اخرى