مشجب التبرير
13/03/2017
السيد فاضل علوي آل درويش

كثيرا ما نحاول البحث عن غطاء و مبرر لأخطائنا و أسباب تقصيرنا ؛ بعدا عن الملامة و العتاب ممن يتصفح أوجه و مكامن الخلل في خطواتنا و رؤانا ، و بالتالي لن نضع أيدينا يوما على الأسباب الحقيقية لمعالجتها ، و نبقى في دائرة الضعف و الأفكار الضحلة ؛ لأننا بكل بساطة لم نعش الواقع و هو وجود أخطاء نرتكبها ، و هذا ليس بعيب إذا سعينا لمعرفتها سعيا و أملا بتجنبها ، و استمعنا لنصح المحب عندما يوجهنا لخطأ ارتكبناه ، فالوقفة الصريحة مع النفس هي أساس كل فلاح و نجاح و تقدم ، و أما التداري خلف أكمة الأسباب الواهمة و الاعتذار بالظروف و ضيق الوقت فلن يجدي شيئا ، و ستبقى حقيقة ضعفنا و إخفاقنا في تحقيق الإنجاز واضحة للآخرين ، فلا يمكن لمجموعة كلمات تبريرية أن تقنع الغير و تبدد منه الواقع الماثل أمامه .

الظروف القاهرة التي تجري بخلاف ما نخطط له هي أمر واقع و لا يمكن إنكار أصلها ، فالأحداث لا يترجم وجودها على الواقع إراداتنا و رغباتنا فقط ، بل تتداخل مجموعة من العوامل في صنعه و تخطيطنا يبقى رهينا بتحقق بقية العوامل كالإمكانات المتاحة و العوامل الذاتية كصحتنا و مهاراتنا و وضعنا النفسي و غيرها ، و العوامل الخارجية كالظروف الاجتماعية و الاقتصادية لا يمكن تجاهل تأثيرها في مخرجات الإنجاز و تحقيق الأهداف ، و لكن لا يعني هذا أن تكون العوامل المؤثرة و الظروف مشجبا نعلق عليه إخفاقنا أو عجزنا في كل الأحوال ، و نغفل عن دراسة الأسباب الحقيقية الضالعة في تعثرنا ، فمن المؤسف أن تعلو نبرة التبرير للأخطاء و التقصير بأنها راجعة لعوامل ليست بمتناول أيدينا ، فأصبحت هي الإجابة الجاهزة لأي تساؤل أو استفسار و توضيح عن سبب تخلفنا في ساحة و ميادين الإنجاز !!!
و لعل العامل النفسي يحضر بقوة في مثل هذه التبريرات ، إذ نشعر بأن الحفاظ على وجودنا القوي و الفاعل في محيطنا الاجتماعي ، يحتم علينا تعزيز اقتدارنا و عدم السماح بظهور أي نقطة للضعف ، و لذا ننبري بسرعة لرتق أي إخفاق بتبريره بكلام واهن حفاظا عل شخصياتنا و مكانتنا من السقوط .

نحتاج إلى برمجة أوقاتنا و تعلم و تطبيق فن تقسيمها وفق الواجبات و الأهداف التي نسعى لتحقيقها ، فالتسويف و التكاسل عوامل هدم و تجر أرجلنا نحو اختلاق الأسباب الكاذبة للإخفاق ، فالهمة العالية من روافد التميز و النجاح .

و الصراحة مع النفس عندما نستعرض خطواتنا و تصرفاتنا ستوقفنا على مواضع الخلل و التقصير ، فلا يوجد هناك ثمة أحد منا يخلو من أوجه التقصير و النقاط السلبية ، و ليس من العيب أن نصلح و نعالج القصور عندنا ، بل المعيب هو مداراتنا و صمتنا عما نواجهه من إخفاق فنبرره بأمور واهية ، فلنمتلك شجاعة الاعتراف بالخطأ و نسعى لمعالجته .
 

التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى