خطى واثقة
27/04/2017
 السيد فاضل علوي آل درويش

كم من إنسان نسمع عنه أو نجد من تألقه ما نراه بأعيننا ، دون أن تعيقه نفس الظروف الصعبة التي نمر بها و نعاني منها ، كما أن لغة خطابه تختفي منها كل تلك الكلمات التي تتردد على ألسنتنا ، و التي نعبر بها عن تشاؤمنا و يأسنا من حدوث أي تغيير إيجابي في حياتنا ، فأي نفس و فكر يحمله أولئك الذين يحيون و كأنهم في كوكب آخر لا نمت له بصلة ، و لا يمكننا اكتشاف كنه و أسرار شخصياتهم القوية و العصية على السقوط ، إلا باستشراف متأن و روي يفصح لنا عن سماتهم .

أولى تلك العلائم هي فن استخدام مدركاتهم العقلية في حل المشاكل و العقبات التي تواجههم ، و بالتأكيد فإن الرشد و النضج الفكري الذي يتمتعون به يحمل كما كبيرا من الخبرات و الدروس التي تلقفوها من مدرسة الحياة و معارف الكتب ، و كلمات نظمتها ألسن الحكماء الذين يلتصقون بهم و ينهلون من عذب تفكيرهم ، فتكونت عندهم منظومة توجيهية تبصر الطريق قبل الإقدام على أي خطوة ينون فعلها ، كما أن تنمية و تطوير القدرات و المهارات الذهنية و العصف بها في تحليل و استقراء الأحداث و العوامل و إعطاء النتائج و الآثار المتوقعة ، هو حصيلة ممارسات فكرية لا تتوقف عن التطلعات الجادة في تحري الصوابية و السلامة ، و لذا نراهم يمتلكون ثقة بالنفس تنزع عنهم روح التردد و التلكؤ و الهواجس من الإقدام على تحقيق أهدافهم ، بينما البعض يحيا بين أحضان الأحلام الوردية و عندما يستفيقون على وقع ضربات معول الصعوبات و الظروف القاهرة ، يصابون بالإحباط و الانشداد نحو ندب الحظوظ و التشاؤم من المستقبل و مناحة تعداد العثرات التي يمكن أن تواجههم !!

و التخطيط ليوم جديد و مستقبل واعد ينتظر من حمل وعيا و نفسا تعلو على الآلام و التحديات ، فيوازن بين آماله و قدراته و يضع لها سقفا يناسبه ، فينطلق بعدها في ميادين العمل متسلحا بتصورات واضحة و خطوات مفهومة .

و هناك من يضع نفسه رهين الظروف و العوامل التي تحيط به ، فأفكاره وليدة اللحظة و يغفل فيها عن النتائج المترتبة عليها ، مما يسبب له ارتباكا دائما و صداعا مزمنا بسبب الوقوع في مطبات متتالية ، فالوضع المتأزم يزيد تعقيدا و صعوبة إن واجهناه بسطحية و لا مبالاة نتصف بها .

فالرغبات تبقى حبيسة الخيال و تداعبه إن لم تتحول إلى فكرة ملموسة نسعى لتطبيقها على أرض الواقع ؛ ليتحول عقله إلى ورشة عمل فينظم و يرتب تصوراته الكلية و الجزئية .

و الهدوء النفسي جناح آخر لأصحاب الخطى الثابتة ، ففي الأوقات العصيبة التي تشد الأعصاب نحو الانفعال و التفلت قد نفقد الكثير من مجهوداتنا ، فمهما كانت صعوبة و تعقيد الظرف أو الأزمة التي نعاني منها ، فبالتأكيد لن يكون التحسر و الأسى على الماضي و تخيل أخطائنا و أوجه القصور عندنا على نحو التعداد و النياح فقط هو المخرج ، و لن يكون الاستسلام و رفع راية الضعف و تنكيس هامة القدرات خوفا من المستقبل هو طريق الخلاص ، بل استيعاب الموقف و حجم المشكلة و البحث عن حلول بروح تحمل الثقة و الطمأنينة هو ما يقلل من الخسائر ، فالقلق وحش كاسر يلتهم من أبدى تعلقا و تقربا منه ، و لا يزيد المرء إلا حيرة و تيها .


التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى