أيها السعداء
7/05/2017
السيد فاضل علوي آل درويش

سؤال تتردد أصداؤه بين القلوب المتلهفة للحظات الهناء و راحة البال ، فأجدت في المسير نحو واحات و شطآن السعادة و سرور القلب باتجاهات شتى ، و ما زاد الكثير من شرب ماء البحر إلا عطشا و هما و حيرة أكثر ، حتى أضحى البحث عن مفتاح كنز السعادة مهمة أشبه بالمستحيلة ، و تحتاج في تحقيقها لأمر معجز يخترق خطوط الأسباب و يلغيها ، و أصخت الآذان لكل همس يطرح وصفة أو طريقة تستجلب همهمات راحة القلب من صخب الحياة و ضجيجها ، فاختلطت و تكاثرت الرؤى بما لا يشفي الغليل أو يروي العليل ، و ما زالت محركات البحث بين الناس بالمشافهة أو من خلف لوحات مفاتيح شبكات التواصل ؛ أملا في الاستيقاظ يوما على خبر عاجل ينبيء بالتوصل إلى مفعول سحري يسهل تناوله و اتباع خطواته ، فتنقضي متاعب رحلة مضنية طويلة استغرقت من الجهد و الوقت الشيء الكثير و الكثير .

عند الرجوع إلى مواجع الناس و مسببات آلامهم و جروحهم ، ستجد أنها ترجع بالمستوى الأهم و المهم إلى العامل النفسي ، فعندما يصاب المرء بروح التعاجز و التكاسل و القلق و الاضطراب ، فلن يجدي معه كل وسائل الترفيه و التنعيم و الاستئناس بمباهج الحياة ، و في المقابل نجد أناسا حالت بينهم و بين الحياة الطبيعية إعاقة جسدية أو ظروف أسرية و اجتماعية قاسية ، حرمتهم من الدفء و الحنان المنمي لشخصياتهم ، و افتقدوا لأبسط أبجديات الرعاية و الاهتمام ، و مع ذلك نجد منهم الهدوء النفسي و تحقيق المهمات الصعبة و الأهداف الكبيرة ، و ما ذاك إلا بسبب امتلاكهم لنفوس تصطحب دائما الأمل و الطموح و مواجهة التحديات مهما بلغت صعوبتها ، فالحياة عندهم رحلة كفاح و عمل و مثابرة .

فهم حقيقة الحياة و اصطباغها بألوان متعددة من الحزن و الألم و التعثر من جهة و النجاح و السرور و الهناء من جهة أخرى ، و هذا التداخل بين المراحل و الحالات يقصر أملنا عن حياة مثالية تخلو من التلوث بالمنغصات و المصائب ، و تدعونا للتعامل مع اللحظة بعين الواقعية و العمل المتاح .

و مهما بلغنا من مستويات عالية من المثابرة و الاستعداد ، فهذا لا يعني الوصول إلى النهايات السعيدة دائما ، و علينا معاودة بوصلة العمل مجددا بعد معالجة الأخطأء و أوجه القصور ، و هنا لن تزول الثقة منا و الأمل بالقدرة على تحقيق خطوات ناجحة ، فالإخفاق لا يعني فشلا و خيبة بل هو مسار خاطيء فلنتجه لغيره ، و المصاعب تمثل مرحلة لاختبار قدراتنا و مهاراتنا ، و فرصة لاكتساب الخبرات و الدروس .

و على مستوى علاقاتنا الاجتماعية فلنتحل بروح التسامح و تفريغ الشحنات السلبية تجاه الآخرين تماما ، فلا يمكن تصور قدر الانشغال و ضياع الجهود و سلب الراحة بسبب التأثر بكلام الآخرين السيء و تقديراتهم المبنية على عواطف عمياء تحجب عنهم جمال العطاء و الإنجاز الذي يتحلى به الغير .
و لتكن عندنا قناعة بما نتحصل عليه من نصيب علمي و مهاري ، فطلب السقوف العالية يدق الأعناق و يلويها ، و هذا لا يتنافى - بالطبع - مع طموح و أمل مبني على دراسة متوازنة و محكمة .


التعليقات 0
إضافة تعليق
مواضيع اخرى